كتبت ندى أيوب في “الأخبار”:
مع بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان، تغاضت الحكومة العراقية عن تخلّف لبنان عن سداد نحو 700 مليون دولار مستحقة للعراق وفق اتفاقية الفيول المعقودة بين بيروت وبغداد، للتخفيف من وطأة الأزمة الإنسانية الناتجة من نزوح ما يزيد على مليون لبناني. في وقت يمارس فيه ما يسمى «المجتمع الدولي» ومنظماته حصاراً غير معلن على مستوى الإغاثة ويقدّم المعونات بـ«القطارة».
وإلى استقبال العراق حتى مساء الأحد الماضي أكثر من 32 ألف لبناني، علمت «الأخبار» أنّ الحكومة العراقية قررت تقديم 200 ألف طن من الطحين والقمح إلى لبنان، وتدرس مدّه أيضاً بمواد غذائية أساسية وبكميات من الفرش والحرامات والوسائد، في وقتٍ تواصل فيه الحكومة العراقية التزامها بتزويد لبنان بكميات الفيول المتّفق عليها (100 ألف طن شهرياً)، ورفعت الكمية الشهر الماضي إلى أكثر من 150 ألف طن تبعاً للحاجة المُستجدّة المرتبطة بالنزوح.
إلا أن التهديدات الإسرائيلية، أواخر أيلول الماضي، لمطار بيروت في حال استقبال طائرات عراقية وإيرانية وجزائرية، تضع عقبات أمام وصول المساعدات. ويرجح، وفق السفير اللبناني في العراق علي الحبحاب، إرسال الطحين والقمح بطرقٍ أخرى، قد يكون الشحن بحراً من بينها. وأوضح أنّ العراقيين عرضوا إرسال 200 ألف طن من الطحين على دفعات تمتد لفترة عام، بمعدّل 20 ألف طن شهرياً، قبل أنّ يقترح الجانب اللبناني توزيعها بين طحين وقمح نظراً إلى إمكانية تخزين القمح لفترة أطول. فيما تفيد معطيات «الأخبار» بأنّ اعتراضات أصحاب المطاحن دفعت الحكومة إلى طلب تقسيم الهبة مناصفة بين الطحين والقمح، رغم أن الـ100 ألف طن من القمح تنتج أقل من 70 ألف طنٍ من الطحين.
ويعيد استعداد العراق مدّ لبنان بالطحين إلى الأذهان قضية الـ10 آلاف طن من الطحين التي وصلت هبة من الحكومة العراقية عقب انفجار مرفأ بيروت عام 2020 وكدّسها الجيش اللبناني في المدينة الرياضية، ما أدى إلى تلفها.
إلى ذلك، أكّد الحبحاب أنّ «الحكومة العراقية تناقش مجموعة أفكارٍ للمساعدة، إحداها أن تقوم وزارة التجارة العراقية بشراء مواد غذائية من تركيا تتولى الأخيرة إدخالها إلى لبنان». فيما تردد أنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يعمل على ترتيب ضمان دخول المساعدات العراقية إما عبر البحر أو عبر الأردن.
وزوّدت الحكومة العراقية لبنان في تشرين الأول الفائت بـ150 ألف ليتر من الفيول، بزيادة نسبتها 50 ألف ليتر عن الكمية المتفق عليها، نزولاً عند طلب المسؤولين اللبنانيين، نظراً إلى ارتفاع الطلب المرتبط بتأمين الكهرباء لمراكز النزوح.
وتبدي بغداد مرونة كبيرة تجاه لبنان، في زيادة كميات الفيول الشهرية وتخطّيها للتفصيل المُرتبط بتسديد ثمن الفيول نفسه، ولا سيّما أن لبنان متوقف عن الدفع، ولم يباشر حتى في إطلاق مشروع التبادل التجاري مع العراق، والذي يفترض أن يقدّم عبره لبنان الى العراق مجموعة من السلع والخدمات لقاء ثمن قسم من الفيول.
وبعيداً عن المستوى الرسمي، فإن دعماً عراقياً من نوعٍ آخر ينتظر حلحلةً لعبور الأراضي السورية باتجاه لبنان. فمنذ 28 أيلول الفائت، عبرت 250 شاحنة عراقية تابعة للعتبات المقدّسة الحدود العراقية إلى سوريا، محملة بالمساعدات الإنسانية، وتتراوح حمولة كل منها بين 20 و25 طناً. إلا أن تهديدات العدو وامتناع واشنطن عن إعطاء ضمانات بعدم التعرض للشاحنات حال دون دخولها إلى لبنان. ويجري تنسيق بين الهلال الأحمر العراقي والصليب الأحمر الدولي لإدخال ما أمكن،إلا أن العملية تسير ببطء شديد.