بقلم وفاء مكارم
منذ بدء الحرب في غزة تواجه حركة حماس ضغوطا ً مستمرة، ومع فشل المفاوضات لوقف إطلاق النار، جاءت التقارير الأخيرة بأن قطر تتجه لإغلاق مكتب الحركة في الدوحة ما خلق حالة هرج ومرج في الوسط الاعلامي وفتح الملف على العديد من الأسئلة، ورغم نفي وزارة الخارجية القطرية انسحابها من المفاوضات وطرد حماس من الدوحة إلا أن لا دخان بلا نار فما حقيقة التقارير المسربة؟ وهل قطر تخلّت عن حماس؟ أم أنها مجرّد جس نبض لغاية في نفس يعقوب؟!
في السياق، اعتبر الصحافي صُهيب جوهر أن ما تم تناقله قد يكون هدفه الضغط على الجانب الأميركي والاسرائيلي بأن بحال لم تعد قطر الجهة المفاوضة لن يستطيعوا التفاوض مع الجهة التي تمون عليها أي حماس وليبحثوا عن مفاوض من جديد او كي يضغطوا على نتنياهو للتوصل إلى اتفاق.
كما لفت جوهر الى ان لا علاقة لما قيل بفوز الرئيس دونالد ترامب بالانتخابات الأميركية بل مرتبط بحملة هدفها ابتزاز قطر لتضغط على حركة حماس، مشيراً إلى أن البعض يعتبر ان ترامب يريد إشعال فتيل المشاكل مع دولة قطر في حين أن حقيقة الأمر مختلفة وهذه مجرد أحلام.
ونفى جوهر أن تكون حماس أصبحت عبئاً على قطر، قائلاً: ” إنها ورقة قوة لدى القطري وغير مضطر أن يتنازل عنها، وأحد لا يستطيع التفاهم مع حماس سوى قطر .
وأضاف جوهر أن لا مصلحة للادارة الأميركية أن تغادر حماس الدوحة لأن أي دفع لذلك سيجعلها تتوجه نحو إيران.
وعن ما قصدته الخارجية القطرية حول الجدية في المفاوضات، قال جوهر أن إسرائيل ليس لديها جدية في مفاوضات التهدئة فحماس وافقت على مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن في الثاني من تموز الماضي رغم كل التنازلات الكبيرة التي قدمتها الحركة في حين أن نتنياهو انقلب على ورقة التفاوض واغتال المفاوض إسماعيل هنية ما يدل على أن إسرائيل تقف خلف كل مسببات إفشال وقف إطلاق النار.
وأضاف جوهر: “حماس لن تغادر قطر وقطر لن تطرد حماس”، لافتاً الى أنه هناك فرق بين جعل مكتب حماس غير فاعل سياسياً وبين طرد الأفراد.
ومن هنا، أكد جوهر: ” لن يحدث اي طرد للأفراد بل قد تلجأ قطر إلى تجميد عمل مكتب حماس السياسي، مشدداً على أن قطر لن تتخلى عن الملف الفلسطيني لأنه “ربيح” فمن يضع يده على هذا الملف يربح المكاسب كلاعب دولي وإقليمي كبير.
بالمقابل اعتبر الصحافي أحمد عياش أن ما حصل عبارة عن تطور هو الاول من نوعه بالعلاقات بين دولة قطر وحركة حماس يلخص الى ما انتهت إليه هذه الحقبة بعد الحرب على غزة، لافتاً الى ان الاسلام السياسي المتمثل بحماس والمدعوم من قطر التي تمثل الاخوان المسلمين قد بلغ ذروته بعد الانعطاف الكبير الذي أدى الى نهاية نفوذ الحركة في قطاع غزة.
وأشار عياش الى أن بيان وزارة الخارجية القطرية مجرد مخرج تحاول من خلاله ايجاد عذر لهذا الانحطاط الذي وصل إليه الإسلام السياسي فالحركة انتهت مع رحيل يحيا السنوار وما تبقى منها هم نزلاء الفنادق الفخمة، مستبعداً مغادرة حماس لقطر.
ولفت عياش إلى ان قطر دفعت الثمن مع هزيمة هذا الاسلام السياسي لانه ذهب نحو مغامرة جنى فيها مكاسب في البداية ثم تلاحقت الخسائر حتى وصلت ذروتها بدمار البشر والحجر في قطاع غزة المنكوب، مشددا ً على ان قطر هي شريكة في هذه التجربة وبدأت تدفع الثمن بالعلاقات التي كانت تتمتع بها على المستوى العام مع الغرب وخصوصاً مع اسرائيل وحل مكانها على الساحة دولة الامارات والمملكة العربية السعودية التي تعتبر اليوم هي الاساس على المستوى الخليجي والإسلامي.
وأضاف عياش: “اننا امام مشهد آخر هو الاسلام السياسي المتمثل بتركيا حيث رئيسها رجب طيب أردوغان هو احد اكبر رموزه والذي مازال رغم مواقفه ضد اسرائيل محتفظاً بالسفارة الاسرائيلية في بلاده، مشيراً الى ان ما نشهده هو انتهاء حقبة وانتهاء تجربة ومشروع .
وعن ما اذا كان لعودة ترامب الى البيت الابيض تأثير على قرار قطر، لفت عياش الى ان عودة ترامب ليست العنصر الوحيد الذي اوصل العلاقات بين قطر وحماس الى ما آلت إليه، معتبراً ان وجوده على رأس الرئاسة الاميركية هو مرحلة، ولكننا في تحول تاريخي من حقبة الى اخرى في هذه المنطقة عنوانها ان الاسلام السياسي ليس الحل.