لبنان يتنفس الصعداء: حركة الطيران و السياحة تستعيد عافيتها بعد وقف إطلاق النار

بقلم تيريزا كرم

مع توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، واستعداد البلاد لاستقبال موسم الأعياد، بدأت مظاهر التعافي تظهر تدريجيًا في مختلف القطاعات، لاسيما في حركة الطيران والسياحة. مطار بيروت الدولي يشهد عودة شركات الطيران واستئناف رحلاتها، فيما يأمل القطاع السياحي في التقاط أنفاسه بعد صدمة الحرب الأخيرة. هذا التفاؤل الحذر يعكس رغبة اللبنانيين والمغتربين في قضاء أعيادهم وسط الأهل والأصدقاء، على الرغم من التحديات الاقتصادية والظروف الأمنية التي لا تزال تُلقي بظلالها على المشهد العام
.
حركة الطيران في لبنان

كشف المدير العام للطيران المدني، فادي الحسن، عن تحسن ملحوظ في حركة الطيران بمطار بيروت الدولي بعد اتفاقية وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل. بدأت عدة شركات طيران باستئناف رحلاتها، منها الملكية الأردنية، العراقية، الخطوط التركية، والخطوط الإثيوبية، بينما بدأت شركة الطيران القطرية بتسيير رحلتين يوميًا اعتبارًا من 9 كانون الأول، وشركة الطيران الألمانية التي استانفت رحلاتها في اليوم نفسه بمعدل رحلتين يوميًا.
وأشار الحسن إلى أن طيران الاتحاد من أبوظبي سيبدأ رحلاته في 18 كانون الأول بمعدل أربع رحلات أسبوعيًا. ورغم تأجيل شركتي الإماراتية وفلاي دبي رحلاتهما مؤقتًا، فإن عودة الشركات الأخرى ساهمت في رفع عدد الرحلات اليومية إلى 80 رحلة، ومن المتوقع أن تزداد الأرقام تدريجيًا.
وأكد الحسن أن إشغال مقاعد الطائرات القادمة إلى لبنان خلال فترة الأعياد تجاوز 95%، مما يعكس الطلب المرتفع على الرحلات. ومع ذلك، لن تصل حركة الطيران إلى أرقامها المعتادة بين 90 و100 رحلة يوميًا خلال فترة عيدي الميلاد ورأس السنة بسبب عدم عودة بعض الشركات لتسيير رحلاتها بالكامل.

مروان الهبر

في هذا السياق ، و في حديث خاص ل”ديموقراطيا نيوز” يؤكد مروان الهبر رئيس الدائرة التجارية في شركة طيران الشرق الأوسط أن نسبة التشغيل للشركة كانت منخفضة قبل اتفاقية وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، بسبب الوضع الأمني المتوتر.
ويوضح الهبر أنه خلال الفترة من 15 إلى 24 كانون الأول، كانت هناك حجوزات مسبقة، إلا أنها لم تكن مؤكدة نتيجة القلق الأمني. ومع ذلك، شهدت الشركة تحولًا كبيرًا بعد الاتفاقية، حيث تم مضاعفة عدد الطائرات، والتي حجزت بالكامل دون استثناء.
و يشير إلى أن نسبة إشغال المقاعد في الطائرات القادمة إلى لبنان وصلت إلى 95%، مع زيادة عدد الرحلات من مختلف الوجهات. على سبيل المثال، تم تشغيل رحلتين يوميًا بدلاً من واحدة من مدن مثل باريس، لندن، وجنيف. وأكد أن كل الرحلات الإضافية والأساسية كانت محجوزة بالكامل.
و يختم الهبر بالإشارة إلى أن المؤشرات السياحية لموسم أعياد الميلاد تبشّر بالخير، بناءً على نسبة الحجوزات المرتفعة.

حركة المطاعم والمقاهي

عقد مجلس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري اجتماعًا ناقش خلاله الأوضاع الراهنة في لبنان بعد وقف الأعمال العدوانية وتطلعات القطاع السياحي في المرحلة المقبلة. وأشار البيان الصادر عن المجلس إلى أن الحرب قد تسببت في مقتل العديد من الأشخاص وتدمير الممتلكات، كما تسببت في نزوح رأس المال البشري، وهو عنصر أساسي في قطاع السياحة، بالإضافة إلى الأضرار المدمرة التي لحقت بالقطاع والتي يصعب تقديرها إلا بعد إجراء مسح شامل.
وأكد البيان أن القطاع السياحي قد يشهد بعض الانتعاش مع اقتراب موسم الأعياد، رغم محدودية الإمكانيات الداخلية بسبب تراكم الأزمات وضعف القدرة الشرائية. كما أشار إلى أن القطاع السياحي جاهز للموسم، ودعا اللبنانيين في الخارج إلى زيارة لبنان ولقاء عائلاتهم، ما يعكس بارقة أمل لقطاع السياحة.
وأوضح البيان أن الاقتصاد اللبناني يعتمد على السياسة، وأن انتعاش الاقتصاد لا يمكن أن يتحقق إلا بعد إجراء الإصلاحات السياسية، بما في ذلك انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة فاعلة. وتوقع أن يشهد لبنان انتعاشًا وإصلاحًا حقيقيًا بحلول صيف 2025.

بيار الأشقر

في تصريح خاص لـ”ديموقراطيا نيوز”، يؤكد نقيب أصحاب الفنادق، بيار الأشقر، أن اتفاقية وقف إطلاق النار ستترك آثارًا إيجابية على السياحة في لبنان على المدى الطويل. ومع ذلك، يوضح أن التأثير على المدى القصير، وتحديدًا خلال فترة عيد الميلاد ورأس السنة، سيكون محدودًا.
و يشير الأشقر إلى أن الاحتفالات بعيد الميلاد تقتصر عادةً على التجمعات العائلية في المنازل، مما يقلل من الإقبال على الفنادق. أما بالنسبة لرأس السنة، فقد شهدت بيروت نقصًا في تنظيم الحفلات الكبرى التي يحييها فنانون من الدرجة الأولى، إذ تأخر منظمو الحفلات في التواصل معهم، مما جعلهم مرتبطين بمواعيد مسبقة في دول أوروبية، أفريقية، وعربية خلال تلك الفترة.
وعلى الرغم من ذلك، يرى الأشقر أن الوضع في لبنان سيكون أفضل بكثير مما كان عليه سابقًا. لكنه أوضح أن الكثير من الزوار المحتملين ما زالوا مترددين بسبب المخاوف الأمنية، حيث ينتظرون انقضاء فترة الستين يومًا للتأكد من استقرار الأوضاع، قبل أن تبدأ الدول تدريجيًا برفع الحظر عن السفر إلى لبنان.
أما فيما يتعلق بالخسائر في قطاع الفنادق، يشير الأشقر إلى أنه لا توجد أرقام دقيقة حتى الآن، معتبرًا أن الأرقام في لبنان غالبًا ما تكون خاضعة لوجهات نظر مختلفة. لكنه أضاف أن نسبة التراجع في القطاع خلال فترة الحرب تراوحت بين ٦٠% و٦٥% مقارنة بعام 2023 وحتى اتفاقية وقف إطلاق النار.

رغم التحديات الاقتصادية والأمنية التي لا تزال تؤثر على لبنان، فإن توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار يشكل بارقة أمل للقطاعات الحيوية وعلى رأسها القطاع السياحي، حيث مع استعداد البلاد لاستقبال موسم الأعياد، بدأ هذا القطاع يشهد انتعاشًا تدريجيًا بفضل استئناف حركة الطيران و ارتفاع نسبة الحجوزات.
و رغم أن التأثير الإيجابي سيكون محدودًا في الفترة القصيرة، إلا أن الآمال في تعافي القطاع على المدى الطويل تظل قائمة، مع التطلع إلى إصلاحات سياسية تسهم في استقرار الوضع الاقتصادي بشكل عام.

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top