كتبت حنين دياب في “نداء الوطن”:
يسأل كثيرون عن سبب إخفاق محور الممانعة في الصمود بوجه إسرائيل، على الرغم من اقتناع الجميع بأن إسرائيل معادية للفلسطينيين بشكل خاص وللعرب بشكل عام. ويعتبر المتابعون أن العالم العربي بأكثريته الساحقة رفض استبدال الاستبداد الإسرائيلي بآخر إيراني، ورفض تبديل المشروع الصهيوني بالفارسي على حساب القضايا العربية والقضية الفلسطينية بالتحديد.
ومن هذا المنطلق، لم يكن باستطاعة الممسكين بقيادة الجوّ العربي السياسي، إن كان في المملكة العربية السعودية أو في الخليج العربي أو حتى في مصر أن يغفَلوا عن نوايا إيران التي ظهرت في تصريحات علنية وعلى لسان المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية علي خامنئي ورئيس فيلق القدس سابقاً قاسم سليماني والذي اعتبر في تصريح مصوّر أن نظامه سيطر على أربع عواصم عربية وهي (بيروت – دمشق – بغداد – صنعاء ) وهي باتت مرتبطة عضوياً بطهران.
هذه التصرفات الإيرانية عززت قناعة العالم العربي بأن إيران ترفع شعار فلسطين وتحرير القدس في الوقت الذي تضمرُ ما لا تقوله وهو الإمبراطورية الفارسية تحت حكم الثورة الإسلامية الشيعية. وهنا أيضاً تبرز أحداث السابع من تشرين الأول عام 2023 وبطولات يحيى السنوار الدونكيشوتية والتي حملت محور الممانعة على الانتحار غير آبه بما خُطّطَ له في الغرف الأميركية – الإسرائيلية.
وإذا افترضنا بأن السنوار لم يكن على دراية بالنوايا الإسرائيلية فلا تبرير لدخول الأمين العام السابق لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الحرب ضارباً بعرض الحائط الفرق الكبير بين قُدرات إسرائيل وقدرات حزبه، بالإضافة إلى رهان نصرالله الخاطئ على عدم قدرة المجتمع الإسرائيلي على تحمّل حرب طويلة والرهان الخاسر على تدخل المجتمع الدولي لإعادة الأمور إلى نقطة الصفر. هذه الرهانات أوصلت إلى اغتيال إسرائيل العمود الفقري للممانعة خصوصاً من ناحية الكاريزما التي تمتع بها والقدرة على التأثير بالبيئة. من قرأ المجريات ولاذ بنفسه من الموت حتى الآن هو الرئيس السوري السابق بشار الأسد. وقد تكون علاقاته بروسيا والخدمات التي قدمها للروس على مرور سبعة عقود بما فيها فترة حكم والده حافظ الأسد سبب تهريبه مع عائلته إلى روسيا. أما الآن فالعيون شاخصة الى إيران، حيث بدأت ترشح معلومات عن خلافات كبيرة بين قياديي الحرس الثوري الإيراني، مع محاولات إسرائيلية أميركية وبغضّ طرف روسي للإطاحة بخامنئي، ما ينذر بإمكانية اشتعال حرب داخل إيران تمهّد لقلب النظام المقلَّمة أظافره اليوم بعد ضرب حركة “حماس” في غزة و”حزب الله” في لبنان وبشار الأسد في سوريا. ويتم الحديث اليوم أيضاً عن انسحاب عراقيّ رسميّ من المعاهدات والاتفاقات بين العراق وإيران في محاولة عراقية لحماية العراق ومنعاً لضربه من جديد، في وقت سيتكفل سقوط النظام في إيران بإنهاء الحوثيين من دون الحاجة إلى معركة محسومة النتائج سلفاً.
كل هذه الأحداث والمعطيات تجزم بنهاية مشروع إيران الثورة في المنطقة وتشير إلى نية أميركية أوروبية إسرائيلية بتحقيق سلام طويل الأمد سينطلق مع وصول الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مطلع شباط المقبل. لكن يبقى أن يسأل اللبنانيون ماذا لو لم يدخل نصرالله في معركة الإسناد؟ هل كان القضاء على “حزب الله” سيكون على شاكلة الحوثيين، أي بعد القضاء على النظام في إيران؟ أم أن القضاء على نصرالله و”حزب الله” كان ضرورياً لإسقاط نظام بشار الأسد؟ كل هذه الأسئلة لن يجيب عليها إلا التاريخ فلننتظر ونرَ.