كتبت ماريان زوين في “نداء الوطن”:
محلّلون وخبراء ومنظّرون… “على مدّ عينك والنّظر”، يتربّصون بكم أيّها المشاهدون ويرددون عباراتٍ تعلّموها من تمارين تحت شعارات “السلم الأهلي ومنع الفتنة”. أما عبارة “الاستراتيجية الدفاعية”، فأصبح تكرارها أشبه بمسلسل طويل مملّ، وحلقاته “لا بتقدّم ولا بتأخّر”.
منذ طرح مصطلح “الاستراتيجية الدفاعية” على طاولة الحوار اللبناني في العام 2006، بات واضحاً أمران: الأمر الأوّل، هو انقسام اللبنانيين حول تفسير المصطلح، بين من طرح دمج “حزب الله”، معرّفاً إيّاه “بالمقاومة”، ضمن سياق دفاعي يشمل الجيش اللبناني. وبين من شرح ضرورة تسليم سلاح “حزب الله” إلى الجيش ولكن تدريجياً. وأخيراً، بين من طالب بنزع هذا السلاح بالكامل، معتبراً أن الجيش هو الوحيد المخوّل الدفاع عن البلاد.
الأمر الثاني والأهمّ، هو اتّضاح الهدف من وراء “ورقة التوت”، لتبرير استمرار سلاح “الحزب” لا المقاومة فحسب. هذا الهدف هو لخدمة أجندات إقليميّة لا علاقة لها بمصلحة لبنان. من هنا يدرّب “الحزب” أبواقَه على السير في هذا الجدل العقيم لترويج “بروباغندا” الجلوس حول طاولة واحدة والقيام بتمرين ذهني عبثي، من أجل استيعاب سلاح رهّب في المرحلة الأخيرة، لبنانيين وسوريين أكثر مما رهّب إسرائيليين، وذلك تحت وهج الترهيب نفسه، في حال لم تُعجب حاملَ هذا السلاح نبرةُ النقاش.
إن لم يكن الترهيب هو السبب، فالسؤال إلى رئيسَي الجمهورية الأخيرين (ميشال عون وميشال سليمان): لماذا لم تقرّ هذه الاستراتيجيّة كما وعدتما؟
ما عليكما الجواب. أصلًا، “C’est trop tard” أي بات متأخراً. ليس من أجل حسم النقاش حول تفسيرات الرئيسَين لـ “الاستراتيجية الدفاعية”، بل لأن الدفاع عن الوطن في الدّول المتقدّمة هو دولاتي، أي بيد جيوشها النظامية حصراً. ببساطة، يجب تذكير الحكومة اللبنانية و “حزب الله” بأنهما وافقا علناً على اتفاق وقف إطلاق نار مع إسرائيل بوساطة أميركية ورقابة أميركية فرنسية، وهو ينصّ حرفياً على حصر السلاح بالأجهزة الرسمية في الدولة، وهي: الجيش، قوى الأمن الداخلي، الأمن العام، أمن الدّولة والشرطة البلدية، وبالتالي انتهت صلاحيّة الحوارات، والنقاشات غير المجدية…
نفّذوا الاتفاق، وتفسير الاستراتيجيّة واضح ووحيد: لا يحقّ لأي جهة غير الدّولة أن تحمل السلاح. ولكلّ من يخشى “الحرب الأهليّة” من جرّاء هذا الطّرح – مصطلح آخر روّجته الأبواق المدفوعة – فليتشجّع، ويتذكّر أنّ من افتعل الحرب العبثيّة غير المدروسة مع الخارج، أو الحروب الصّغيرة في الدّاخل (على شكل 7 أيّار وطيّونة – عين الرمانة)، هو حامل السلاح بحدّ ذاته… لقد حان وقت الكفّ عن منح جوائز ترضية لمن يقتلنا.
وإلى الأبواق نفسها، وفي السياق ذاته، لا معنى بعد الآن لمعادلة “شعب، جيش، مقاومة”، ولا للسؤال عن صاحب قرار الحرب والسّلم… وكلّ ذلك واضح في اتفاق قَبِل به “الحزب” الذي هلّل لوقف النار بعدما هلّل قبل نحو عام لفتح النّار… اعتبر “الحزب” أنّ الاتفاق لمصلحته بعد انتهاء الحرب، ويمكّنه من إعلان انتصار أكبر من انتصار 2006! أيّتها الأبواق: “بدكن Data Update”.