بقلم محمد حندوش
قديماً قيل للحق: أين كنت عندما طغى الباطل وتمادى؟ أجاب: كنتُ تحته أقتلع جذوره.
في الوقت الذي كان فيه أهل الأرض يتذمرون من قسوة الظلم ويستعجلون الفرج، كانت الأقدار تتهيأ لنصر مبين لم يكن في حسبان أحد.
في الوقت الذي كانت فيه آلاتُ التعذيب تنهش من أجساد المعتقلين كانت أناتهم تطرق أبواب السماء بيقين لم يخطئ مساره.
وفي الوقت التي كانت فيه ظلمة السجن تخيم على آلاف السجناء، كانت دقات قلوبهم الخائفة تخترق المدى لتصل إلى خالقها فيجيبها (وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين)
وفي الوقت الذي كانت فيه قلوب الأمهات تشتعل حرقةً على أبنائها، كانت أدعيتهم في جوف الليل تتصل بخالقها علام الغيوب.
وفي الوقت الذي كان اليأس يخيم على شعب مشرد بأكمله كانت معاناتهم تفوق كل تصور وأحلامهم ترسم طريقها نحو التحقيق.
وفي الوقت الذي كان ضمير العالم في غيبوبة، كان الأحرار يعقدون بيقينهم أروع صفقة رابحة مع ملك الملوك.
وفي الوقت الذي كان نظام القتل والإجرام يتباهى بجبروته ويظن أنه محصن كانت أعمدته تتهاوى تحت وقع صيحات الأحرار الذين قدموا أرواحهم قرباناً على مذبح الحرية.
وفي الوقت الذي كانت دوائر الهجرة في أرجاء الكون تزدحم بملايين طلبات اللجوء بحثاً عن وطن، كانت الوطن يتحضر لعودة أبنائه (إنهم يرونه بعيداً ونراه قريبا)
في الوقت الذي كنا نستبطئ الفرج كانت العناية الإلهية ترخي بظلالها على حلم شعب بأكمله في مشهدية تاريخية ستبقى محفورةً في سجلات التاريخ.
الحياة تتعثر،، لكنها لا تتوقف
والأمل يخبو،، لكنه لا ينطفئ
والحرية تبتعد،، لكنها لا تموت
وياسمين الشام يعطش.. ويذبل، ويتألم
لكنه حتماً سيفوح من جديد..