أطلقت الجامعة الأميركية في بيروت “مرصد الحوكمة الرشيدة والمواطنة” في إحتفال أقيم في معهد الأصفري للمجتمع المدني والمواطنة في الجامعة الأميركية في بيروت، في الخامس من كانون الأول الحالي. ويمثل هذا اللقاء المفصلي بدء مبادرة مكرسة لتعزيز الحوكمة المسؤولة والمواطنة النشطة في لبنان والمنطقة، وفق بيان وزعته الجامعة.
وشكل حفل الإطلاق منصة للتعريف بالمرصد، وإثارة مناقشات ملفتة وترسيخ التعاون ووضع الأساس لمبادرات قادمة من المرصد ستكون مؤثرة، إضافة إلي رئيس الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور فضلو خوري ووكيل الشؤون الأكاديمية الدكتور زاهر ضاوي وعدد من الأساتذة والموظفون في الجامعة.
حضر الحفل قادة فكر وأكاديميون ومحترفون. وهدف الحدث إلى تحفيز العمل الجماعي نحو تعزيز الحكم الرشيد والمواطَنة المسؤولة داخل المنطقة.
يذكر أن مرصد الحوكمة الرشيدة والمواطنة هو مبادرة جديدة مخصصة لاستكشاف المواطنة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وارتباطها بالحكم الصالح. ويركز مرصد الحوكمة الرشيدة والمواطَنة على أساسات الحكم الصالح والهجرة والدساتير، ويهدف إلى تقديم رؤى شاملة حول المواطنة، وتثقيف صناع السياسات، وتمكين المواطنين، وتعزيز الحوار.
ويطمح المرصد إلى أن يكون منصة معترف بها عالميا تدعو إلى التحول الاجتماعي الإيجابي والاشتمالية والإنصاف والاستدامة. ويهدف أيضا إلى تعزيز الحكم الصالح والمواطنة، من خلال إطار يؤكد على دور المواطنة في الحكم المسؤول ويعالج ديناميات المواطنة والهجرة من أجل الاشتمالية، ويدعم الدساتير التي تدعم حقوق المواطنة وكذلك التأثير على إصلاحات السياسات القائمة على المساواة. والهدف النهائي للمرصد هو إقامة مجتمع يكون فيه المواطنون مطلعين ومتفاعلين ومساهمين بنشاط في القيم الديموقراطية وحقوق الإنسان والهناء المجتمعي.
وألقى الدكتور فضلو خوري ملاحظات تمهيدية في الحفل، مؤكدا أن “مرصد الحوكمة الرشيدة والمواطنة” هو أحد أحدث مساعينا في رحلتنا نحو رأب الفجوة بين البحث الأكاديمي والتغيير المجتمعي الملموس، مما يعكس التزامنا الثابت باستكشاف نسيج المواطنة المعقد ودورها الحاسم في تنمية الحوكمة الجيدة”.
وأردف خوري: “منطقتنا تقف عند مفترق مفصلي. إن التحديات التي نواجهها هائلة، ولكنها تتضاءل أمام الفرص التي تلوح لنا. إن مرصد الحوكمة الرشيدة والمواطنة هو أكبر من مجرد مبادرة أكاديمية، إنه يمثل اندفاعا نحو تحول اجتماعي عميق”.
وختم: “دعونا نستهل هذه الرحلة مع الاقتناع بأنه من خلال التعليم والحوار والمشاركة النشطة، يمكننا إعادة كتاب قصة المواطَنة والحوكمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. دعونا نسعى جماعيا لخلق مستقبل لا يكون فيه كل فرد عارفا ومشاركا فحسب، بل مساهما نشطا في دعم القيم الديموقراطية وحقوق الإنسان والهناء المجتمعي”.
وقد تميز حفل إطلاق المرصد بحوار رئيسي بين صبا المسلط، المديرة الإقليمية لمؤسسة فورد فاوندايشن في الشرق الاوسط وشمال إفريقيا، ولينا أبو حبيب، مديرة معهد الأصفري للمجتمع المدني والمواطَنة.
وخاض الحوار في تجارب النساء مع هوياتهن كمواطنات، وتأثير التنقل، والاقتلاع من الجذور، وإعادة إطلاق حياتهنّ، والجوانب الجندرية للمواطَنة.
وتحدث الدكتور صوما بو جودة الأستاذ والمستشار الأول لرئيس الجامعة الأميركية في بيروت، وعضو اللجنة التوجيهية للمرصد. وسلطت الضوء على المخاوف الحاسمة في مشهد تعليم المواطنة في لبنان. وحدد القضايا الملحة، منها الطائفية وسياسات الهوية وغياب منهج وطني موحد، وتهميش التربية المدنية في الامتحانات الرسمية، وهيمنة دور التعلم والحفظ مع الحد الأدنى من الفرص لمناقشة القضايا الخلافية.
كما سلط بو جودة الضوء على الآثار السلبية للتدخل السياسي، وتدريب المعلمين غير الكاف، والمشاركة المدنية المحدودة، والسرديات الوطنية المتضاربة.
كما تحدث الدكتور سيمون كشار، المدير المؤّسس لمرصد الحوكمة الرشيدة والمواطَنة والأستاذ المحاضر في العلوم السياسية، معرّفا بالمرصد. وفي خطابه، تكلم عن ملاءمة المرصد لمهمة الجامعة الأميركية في بيروت في محاولتها لإحداث تحولات مجتمعية عميقة. وأوضح أن اثنين من أهم الركائز التي سيستند اليها المرصد في عمله هي “التربية، التي تلعب دورا مهما في تشكيل مواطنين مسؤولين ومشاركين، والدستور الذي يضع حقوق المواطنين والواجبات والامتيازات ويوضح معايير الحصول على الجنسية والحفاظ عليها”.
وأضاف كشار:” أن المرصد سوف يسعى جاهدا “لتمكين المواطنين أن يكونوا عارفين ونشطين في مجتمعاتهم وفي اجرائيات الحوكمة”.
وعبر عن طموح المبادرة من أجل “تحقيق التغيير الذي يجب أن يحدث في عقلية النخب الشابة وهو ما سيؤدّي إلى ثورة فكرية وأخلاقية تنطلق في لبنان، لذا فإن لبنان سيكون قادرا على لعب دوره داخليا كعامل تماسك، وفي الخارج كبوتقة ثقافية عالمية”.
وتمحورت المناقشة التي تلت حول كتاب الدكتور سيمون كشار، “التغيير السياسي في مجتمع تعددي: تجربة فؤاد شهاب”. وهذا الكتاب يستكشف التغيير السياسي في مجتمع لبنان التعددي وعما إذا كانت التعددية السياسية والثقافية والاجتماعية والدينية والطائفية عقبة في وجه التغيير السياسي، متخذا من عهد الرئيس فؤاد شهاب أو ما عرف بـ “الشهابية” نقطة انطلاق.
وأدارت مناقشة الكتاب الدكتورة تانيا حداد، الأستاذة المشاركة في الإدارة العامة، وعضو اللجنة التوجيهية للمرصد.
واشترك في الحوار الدكتور سيمون كشار والدكتور ناصيف حتي وزير الخارجية والمغتربين السابق في لبنان والقاضية رنا عاكوم رئيسة دائرة التنفيذ في جديدة المتن.