“ديموقراطيا نيوز” تكشف عن تفاصيل “مفاوضات” الساعات الأخيرة لتسمية الرئيس المكلّفنواب “المعارضة” فشلوا .. “الديموقراطي” و “لبنان القوي” حسموا .. و نواب “الثورة” حصدوا !!..

كتب عبدالله بارودي

بداية ليكن واضحًا و معلومًا أن ما سنعرضه الآن ليس الهدف منه التصويب على العهد أو على الرئيس المكلّف نواف سلام، بل هو مجرّد محاولة تقديم تفسير للرأي العام اللبناني الذي بدأ يضرب في الرمل ، و يتناقل الروايات ، محاولًا – وهذا من حقه- التفتيش عن اجابات حقيقية و موضوعية و واقعية لما جرى بمجرّد انتهاء الإستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلّف في قصر بعبدا..

لذلك و بناءًا على المعطيات و المعلومات التي توفّرت ل “ديموقراطيا نيوز” من مصادر نيابية و سياسية عدة شاركت بشكل مستمر بمعظم النقاشات و المفاوضات الجارية لتسمية الرئيس المكلّف، نبدأ بعرض الرواية الكاملة:

لغاية يوم الأحد ١٢ كانون الثاني أي قبل يوم واحد من انطلاق الإستشارات النيابية الملزمة كانت كل المؤشرات تؤكد بأن الرئيس نجيب ميقاتي سيُعاد تكليفه بتشكيل أولى حكومات العهد بإتفاق واضح و صريح بين مختلف القوى السياسية المتحالفة معه، و نعني هنا نواب “الثنائي الشيعي”، “اللقاء الديموقراطي”، “الإعتدال الوطني” وغيرهم من الكتل و النواب المستقلين..

هذا الأمر كان على علم به مسبقًا رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بل حظي بمباركته ترجمة للإتفاق الكبير الذي تمّ مع “اللجنة الخماسية”، و أسفرت أولى نتائجه عن انتخاب العماد عون رئيسًا للجمهورية..

قبل ذلك بيوم واحد أعلنت قوى المعارضة تبنّيها ترشيح النائب فؤاد المخزومي لمنافسة ميقاتي على كرسي الرئاسة الثالثة..

هنا يجب التوضيح بأن “المعارضة” التي نعنيها هي حصرًا “القوات اللبنانية” و حزب “الكتائب” و بعض النواب المستقلين عددهم بين( ٣٠ / ٣٥ نائبًا ) ، في حين يأتي بالمقلب الآخر نواب “التغيير” او نواب “الثورة” و عددهم بين (١٢ / ١٥ نائبًا) ، أضف الى هؤلاء جميعًا نواب “التيار الوطني الحر” ( ١٣ نائبًا)، و النواب المنشقين عنهم (٤ نواب) ….

و لم يكن اسم القاضي نواف سلام مطروحًا أبدًا لغاية هذه اللحظة.. بل أكثر من ذلك، غادر سلام بيروت صباح يوم الأحد عائدًا الى لاهاي في هولندا لمتابعة عمله في المحكمة الدولية..

لكن ترشيح فؤاد المخزومي أحدث بلبلة في صفوف أغلبية النواب التغييريين واعتبروا انه لا ينسجم مع تطلعاتهم مع انطلاقة العهد، فأعلنوا بسرعة ترشيحهم للنائب ابراهيم منيمنة متمنيين على نواب المعارضة تلقف هذا الترشيح و تبنيه!..

فجأة مساء الأحد يعود اسم القاضي نواف سلام ليبرز مجدّدًا ويدخل حيّز التداول بشكل جديّ في أروقة معظم الكتل النيابية المعارضة لإعادة تكليف ميقاتي. تلتئم قوى المعارضة في دارة المخزومي لتتمنى عليه سحب ترشيحه لمصلحة سلام، في نفس الوقت، و لإعطاء زخم أكبر لهذا الترشيح ينسحب النائب منيمنة لمصلحة سلام!..

تتسارع الأحداث و تعطي كتلة “اللقاء الديموقراطي” اشارات بأنها علّقت قرارها بدعم ميقاتي، و في نفس الوقت وصلت معلومات أكيدة بأن كتلة “لبنان القوي” ستتبنى ترشيح نواف سلام!..
ما يعني حُكمًا ان المنافسة احتدمت بين ميقاتي و سلام بإعتبار ان سلام سيصل – في حال انسحاب المخزومي- لحدود ٦٠ صوتًا !!..

فعليًّا لم يسفر لقاء المعارضة في منزل المخزومي عن أي نتيجة كانوا بإنتظار أي ايحاء و تحديدًا من قبل المملكة العربية السعودية، للإستفسار عن هذا الإنقلاب المفاجئ.
لكن التواصل حينها كان مقطوعًا تمامًا ما يشير الى ان الرياض لا تزال على موقفها بعدم التتدخل في هذه المسألة بتاتًا تاركة للنواب حسم خيارهم..

صباح يوم الإثنين موعد انطلاق الإستشارات، أعلن المخزومي انسحابه لمصلحة سلام، بعدها بساعتين أبلغ وليد جنبلاط كل من الرئيسين بري و ميقاتي بقراره النهائي دعم ترشيح سلام ما يعني فعليًّا ان المعركة حسمت تمامًا بحيث وصل عدد الأصوات المؤيدة لسلام لحدود ٦٥ صوتًا !!..

هنا، و بغض النظر ان تدخلت السعودية أو لا في تصويت بعض النواب السُنّة بعد ظهر الإثنين، الا ان هذا الأمر لم يكن ليغيّر النتيجة النهائية بتكليف سلام تشكيل الحكومة، بل كان الهدف منه اعطاء شرعية سنيّة و وطنية لهذا التكليف، و هو بالمناسبة أمر مهم و حكيم للغاية!!..

لكن يبقى السؤال الأهم اذًا من هي الجهة التي تدخلت في اللحظات الأخيرة و لماذا؟
للإجابة على هذا السؤال، ينبغي العودة قليلًا، أولًا- لتصريح الرئيس ميقاتي عقب زيارته الأولى الى رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في قصر بعبدا و حديثه عن تطبيق القرار ١٧٠١ و نزع سلاح الحزب من جنوب الليطاني.
ثانيًا – القصف الإسرائيلي العنيف في نفس الليلة لمناطق عديدة في البقاع و الجنوب وكأنه أتى ردًّا على كلام ميقاتي ..

يبدو ان هذا الأمر اعطى انطباعًا لدى بعض القوى الخارجية بأن ميقاتي غير قادر على تطبيق مندرجات القرار ١٧٠١ واتفاق وقف اطلاق النار بحسب فهمهم له، فقرّرت قلب الطاولة على الجميع!..
ثم دخلت فرنسا على الخط رغم أنها كانت الداعمة الأبرز لعودة ميقاتي، فوافقت على الإطاحة به بإعلانها قبل ساعات على انطلاق عملية الاستشارات بأنها لم ترشح ميقاتي لترؤس الحكومة المقبلة و بأنها على مساقة واحدة من الجميع..
ترجمة هذا القرار يحتاج الى كتلتين وازنتين، الأولى – وافقت، لعلم “زعيمها” بأن لبنان وضع تحت المجهر الدولي بشكل كامل و لا يمكن مواجهة هذا الأمر، و الثانية، رغم اتصالات عديدة قامت بها دولة عربية معها في اللحظات الأخيرة لثنيها عن قرارها و تسمية ميقاتي، لكنها رفضت على أمل أن تساعد خطوتها لاحقًا بإزالة العقوبات عن رئيسها!..

ثمة من يقول، بأن كلام بري عن الإنقلاب على الإتفاق المسبق عبر شاشة “الحدث- العربية”، و تصريح مصادر قصر بعبدا لنفس “القناة” بأن رئيس الجمهورية تفاجأ بما حصل، دليل قاطع ان المملكة أوفت بما وعدت به بعدم تدخلها بهذا الإستحقاق..

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top