تترسخ يوماً بعد يوم ركائز سياسة العهد الجديد، الذي يعقد اللبنانيون آمالهم المستقبلية على نجاحه في تحقيق خطاب القسم، وما أعلنه الرئيس جوزاف عون عن دخول لبنان مرحلة جديدة من تاريخه، وأنه سيعمل على “تغيير الأداء السياسي” وإعادة بناء المؤسسات، حيث تلاقي خطوة تكليف القاضي نواف سلام رئاسة الحكومة الجديدة تطلعات اللبنانيين بالتغيير بعد نيله 85 صوتاً في الاستشارات النيابية الملزمة. ويشهد اللبنانيون للقاضي نواف سلام نزاهته وشجاعته وكفاءته وهو من تبوأ رئاسة محكمة العدل الدولية
ومن المتوقع أن يتولّى القاضي سلام مهمة تكليفه تشكيل الحكومة رسمياً بعد عودته الى بيروت صباح اليوم، حيث سيعقد لقاء يجمعه برئيسي الجمهورية والمجلس النيابي جوزاف عون ونبيه بري وفق بيان رئاسة الجمهورية، بعد نهاية يوم الاستشارات الطويل، حيث صبّت أصوات الكتل النيابية الأساسية بما فيها كتلة اللقاء الديمقراطي لسلام، ما يؤكد استمرار الحزب التقدمي الاشتراكي بالسير في نهجه من أجل بناء الدولة وبدء مسيرة الإصلاح، مستكملاً خطوته بدعم ترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية، ما شكّل رافعة أساسية أدخلت لبنان في مرحلة جديدة استبشر بها اللبنانيون خيرًا، والأهم أن ينجح سلام في الإسراع بتشكيل حكومة جديدة تنسجم والمرحلة.
ميثاقية الحكومة من مجلس النواب
كان لافتا خلال يوم الإستشارات النيابية الملزمة، عدم إعطاء كتلتي التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة أصواتهما لأي من المرشحين المتنافسين القاضي نواف سلام ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، لا بل قول النائب محمد رعد “من حقنا المطالبة بتشكيل حكومة ميثاقية”، التي تذكر اللبنانيين بشعار الحكومة الميثاقية التي طالب بها حزب الله قبل إتفاق الدوحة، والتي ترجمت لاحقاً بحكومات الثلث المعطل، التي عطلت البلاد وأوصلته الى الحضيض، فهل بدأت عملية فرملة انطلاقة العهد الجديد؟ وهل ستتعثر عملية تشكيل الحكومة الأولى التي قال الرئيس جوزيف عون في خطاب القسم أنها ستكون سريعة؟
أسئلة عدة أعاد كلام النائب رعد طرحها، لا سيما في هذه المرحلة الحساسة، فالميثاقية تتوفر في المجلس النيابي، وهي واضحة المعنى في تشكيل الحكومة التي تقوم على أساس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، من دون أي احتساب آخر لا المثالثة ولا ستة وستة مكرر ولا سواها.
أما تسمية القاضي سلام فهي عملية ديمقراطية ميثاقيتها في مشاركة نواب الأمة في تحديد خياراتهم وهذا ما حصل. وبالتالي فإن الرهان يبقى أمام القاضي سلام في تشكيل حكومة متماسكة متوازنة قادرة على ملاقاة العهد بالتغيير وآمال اللبنانيين بالخروج من نفق جهنم.
وكان رئيس الجمهورية أجرى طوال يوم أمس الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة العتيدة. وقد توالى وصول النواب إلى قصر بعبدا حيث التقاهم الرئيس عون في مكتبه وبلغ عدد الذين شملتهم الجولة الأولى من الاستشارات 21 نائباً، بعدما قرر رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كانت ستبدأ معه الاستشارات ان يترأس وفد كتلة التنمية والتحرير بعد الظهر. وأتت حصيلة الجولة الأولى من الاستشارات على الشكل التالي: 7 نواب سموا الرئيس ميقاتي و12 نائبا سموا القاضي نواف سلام فيما لم يسم نائبان أحدا.
أما في الجولة الثانية، فحُسم السباق لصالح القاضي نواف سلام، حيث سماه اللقاء الديمقراطي وتكتل لبنان القوي والاعتدال الوطني وأيضاً الجمهورية القوية. وفي ختام الجولة الثانية أعلن المدير العام في قصر بعبدا انطوان شقير تكليف القاضي نواف سلام تشكيل الحكومة الجديدة، وانه سيتم تكليفه رسمياً اليوم فور وصوله الى لبنان.
اهتمام عربي بلبنان
من جهة أخرى، تواصل الاهتمام العربي بلبنان، حيث استقبل الرئيس عون في قصر بعبدا أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الذي قدم له التهاني بانتخابه لرئاسة الجمهورية وقدم له الدعوة لزيارة مقر جامعة الدول العربية وإلقاء كلمة فيه
وقال أبو الغيط خلال جولته على المسؤولين، أنه مع إستكمال عناصر الدولة يكون لبنان معدًا لتصفية الكثير من المشاكل، مشيراً الى أننا “كلنا أمل بعهد الرئيس جوزاف عون”. واستهل أبو الغيط لقاءاته من السراي الحكومي، كما زار الرئيس بري.
كما استقبل الرئيس عون، في حضور السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون، وفداً عسكرياً أميركياً برئاسة قائد المنطقة الوسطى الجنرال مايكل كوريلا. ضم الوفد رئيس اللجنة التقنية لمراقبة وقف اطلاق النار الجنرال جاسبير جيفرز وعددا من الضباط الاميركيين المعاونين. قدم الجنرال كوريلا التهاني الى الرئيس عون بانتخابه رئيسا للجمهورية وتناول البحث سبل تفعيل التعاون بين الجيشين اللبناني والأميركي في ضوء الدعم الذي تقدمه السلطات الاميركية للبنان
كما تطرق البحث الى الوضع في الجنوب ومراحل تنفيذ الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب وفق برنامج الانسحاب المعد لهذه الغاية. وشكر الرئيس عون الجنرال كوريلا على زيارته منوها بالتعاون القائم بين الجيشين اللبناني والأميركي وضرورة تطويره. ثم انضم الى الوفد الأميركي، قائد القوات الدولية الجنرال آرولدو لازارو ونائب رئيس لجنة مراقبة وقف اطلاق النار الجنرال الفرنسي غيوم بونشان، وقائد الجيش بالإنابة اللواء الركن حسان عودة مع وفد من ضباط الجيش، حيث استكمل البحث في الوضع في الجنوب والإجراءات المعتمدة لتنفيذ القرار 1701، والتعاون القائم بين الجيش اللبناني والقوات الدولية ولجنة المراقبة.
وفي سياق متصل، عقد مجلس الأمن الدولية مساء أمس جلسة خاصة لمناقشة اتفاق وقف النار، في الوقت الذي تستمر قوات الاحتلال الاسرائيلي خروقاتها المستمرة، حيث نفذت عملية تمشيط داخل الأحياء في ميس الجبل وحولا في حين عملت فرق الدفاع المدني اللبناني على البحث عن جثامين شهداء في عدد من بلدات القطاع الغربي بمواكبة الجيش اللبناني وقوات “اليونيفيل”.
وقامت قوة إسرائيلية معززة بالدبابات والآليات بتمشيط منطقتي المفيلحة ورأس الظهر غربي بلدة ميس الجبل وحرق عدد من المنازل. حيث سمع أكثر من 15 تفجيراً وسط تحليق مكثف ومنخفض للطيران المسيّر المعادي وتحركات لآليات ودبابات وجنود اسرائيليين.
المصدر: جريدة “الأنباء” الإلكترونية.