
قرر المجلس الدستوري في جلسة عقدها صباح اليوم في مقره في الحدت، بحضور كامل الأعضاء وغياب القاضي عمر حمزة لوجوده في المستشفى، إبطال الفقرة الثانية من المادة الأولى من قانون المهل الدستورية التي كان قد تقدم بطعن فيه نواب”التيار الوطني الحر”و التي تنص على “تعليق حكما بين تاربخ 31- 3-2022 وتاريخ 30 حزيران 2024 ضمنا، سريان جميع المهل القضائية أمام المحاكم اللبنانية على اختلاف انواعها ودرجاتها والممنوحة لأشخاص الحق العام والخاص بهدف ممارسة الحقوق على انواعها سواء كانت هذه المهل شكلية أو جزائية أو امتد أثرها إلى اساس الحق، وابطال المادة الخامسة من القانون.
كما رد سبب الابطال المسند إلى مخالفة مبدأ فقه القانون ووضوح فيما خص الخلط بين المهل الدستورية والأهل القضائية وتحسين القانون لهذه الناحية بالتحفظ التفسيري واعتبار أنّ مهل الإجراءات القضائية مشغولة بتعليق المهل القانونية.
كما رد سائر اسباب الطعن.
وجاء فيه:
“موضوع المراجعة: القانون رقم 328/2024، الصادر في 4/12/2024 (تعليق المهل القانونية والقضائية والعقدية) المنشور في ملحق العدد 49 من الجريدة الرسمية تاريخ 5/12/2024.
المستدعون: النواب: جورج نعيم عطاالله، سليم جورج عون، سيزار ريمون أبي خليل، إدكار جوزف طرابلسي، غسان آمال عطاالله، سامر أسعد التوم، نقولا صحناوي، جيمي جورج جبور، شربل كميل مارون وندى نهاد البستاني.
إنّ المجلس الدستوري الملتئم في مقرّه بتاريخ 16/1/2025، برئاسة رئيسه القاضي طنوس مشلب وحضور الأعضاء القضاة: عوني رمضان، أكرم بعاصيري، ألبرت سرحان، رياض أبو غيدا، فوزات فرحات، ميشال طرزي، الياس مشرقاني وميراي نجم.
وبغياب نائب الرئيس القاضي عمر حمزة لوجوده في المستشفى.
بعد الاطلاع على المراجعة وعلى التقرير،
وبعد التدقيق والمذاكرة،
تبين أنّ النواب الواردة أسماؤهم أعلاه قدموا إستدعاءً بتاريخ 19/12/2024 سجل في قلم المجلس برقم 14/و/2024 بتاريخ وروده، طعنا بالقانون رقم 328/2024 (قانون تعليق المهل القانونية والقضائية والعقدية) الصادر في 4/12/2024 والمنشور في ملحق العدد 49 من الجريدة الرسمية تاريخ 5/12/2024، طلبوا فيه قبول المراجعة شكلا وتعليق مفعول القانون المطعون فيه وقبولها أساسا وإصدار القرار النهائي بإبطاله، واستطراداً، وفي حال عدم إبطاله تفسيره ليكون متوافقاً مع الدستور، وأدلوا بتوافر جميع الشروط الشكلية المطلوبة وفي الأساس بأسباب الإبطال التالية:
1- مخالفة آلية التصويت المنصوص عليها في المادة 36 من الدستور.
2- مخالفة أحكام المادة 18 من الدستور.
3- تعدي السلطة التشريعية على صلاحيات السلطة القضائية بعدم استطلاع رأي الأخيرة.
4- مخالفة مبدأ فقه القانون ووضوحه وبالتالي مبدأ المساواة.
5- عدم توافر شروط رجعية القوانين.
6-واستطراداً، بأنّه في حال عدم إبطال القانون يعود للمجلس إعطاء التفسير الذي يجعله متوافقاً وأحكام الدستور.
وتبين أنه بتاريخ 23/12/2024 تقرر وقف مفعول القانون.
بنـــــــــــــــــــــــــــــاء عليــــــــــه
أولاً: في الشــــــكل:
حيث إنّ المراجعة وردت ضمن المهلة القانونية موقّعة من العدد المطلوب من النواب ومستوفية سائر الشروط الشكلية، فتقبل شكلاً.
ثانياً: في الأساس:
حيث يقتضي البحث تباعاً في مدى دستورية القانون المطعون فيه سنداً للأسباب المدلى بها، ولما يمكن ان يثيره المجلس عفواً، إذا لزم الأمر، لأن رقابته لا تقتصر فقط على ما أثير في الطعن إنما تمتد، بمجرد تسجيل الطعن ووضع يده عليه، لتطال كل ما يشوب القانون برمته من مخالفات دستورية، فيرتب عليها النتائج دون التقيد بالأسباب الواردة في الطعن أو بحرفية المطالب أو بالمواد المطعون فيها.
1-في السبب المتعلق بآلية التصويت:
حيث إنّ الجهة الطاعنة تدلي بأن المادة 36 من الدستور تنصّ على أنّه ” في ما يختص بالقوانين عموماً أو بالإقتراع على مسألة الثقة فإنّ الآراء تعطى دائماً بالمناداة على الأعضاء بأسمائهم وبصوت عالٍ”، وبأنّ الدستور نصّ على الأكثرية الواجب توافرها للنصاب القانوني في جلسات مجلس النواب في اتخاذ القرار بشأن الأمور المطروحة عليه، ومنها القوانين العادية والدستورية ما يعني أنّ للعدد دور حاسم في اتخاذ القرارات ووضع القوانين في الأنظمة الديمقراطية،
وحيث إنّ الجهة الطاعنة تدلي في السياق ذاته أنّ الغاية من نصّ المادة 36 المذكورة هي التصويت على القوانين بشفافية تامة ليكون الشعب مطّلعاً على ما يقوم به نوابه، وهذه المادة تتضمّن قاعدة جوهرية لورود تعبير دائماً في النص الدستوري وقد اعتمدها النظام الداخلي لمجلس النواب في المادتين 78 و85 منه،
وحيث إنّ الجهة الطاعنة تدلي أيضاً بأنّه لم يتبيّن من محضر الجلسة التي أقرّ فيها القانون، أنّ الأصول الدستورية المنصوص عليها في المادة 36 من الدستور قد روعيت في التصويت، فتكون الطريقة التي اعتمدت في إقراره مخالفة للدستور ويقتضي بالتالي إبطاله،
وحيث إنّ رقابة المجلس الدستوري، على أي نص تشريعي يطعن به لديه، لا تقتصر على النظر في مدى إنطباق مضمون ذلك النص على الدستور انما تتعداه الى النظر في عيوب عدم الدستورية التي قد تشوب أصول التشريع المنصوص عليها في الدستور أو في القواعد العامة الواردة في مقدمته أو في متنه وهو ما يعرف بالرقابة الخارجية على القوانين،
وحيث يتبيّن من مراجعة محضر الجلسة، المرسل إلى هذا المجلس من قبل مجلس النواب، أنّه جرى نقل إقتراح القانون حرفياً مع أسبابه الموجبة في مطلع المحضر، كما جرت تلاوة مواده مادة مادة، ومناقشتها من قبل النواب، والموافقة عليها تباعاً كلّ مادة على حدة برفع الأيدي فنالت كل منها الاكثرية، ثم جرت عملية التصويت على القانون بالمناداة بالأسماء وفق ما يلي:
“القانون المطروح على التصديق بالأسماء- نودي السادة النواب بأسمائهم. أكثرية. الرئيس: صدّق القانون بالأكثرية،
وحيث تبين ممّا تقدّم أنّه تمّ إقرار القانون بالأكثرية دون تدوين أي اعتراض على آلية التصويت ولا يكون بالتالي ثمة تشويه لإرادة النواب المقترعين وللإرادة الشعبية ما يوجب رد هذا السبب.
2- في السبب المتعلّق بمخالفة أحكام المادة 18 من الدستور:
حيث إنّ الجهة الطاعنة تدلي بأنّ المادة 18 من الدستور تنصّ على أنّ لمجلس النواب ومجلس الوزراء حق اقتراح القوانين ولا ينشر قانون ما لم يقرّه مجلس النواب، وأنّ الفقرة “د” من مقدّمة الدستور التي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من الكتلة الدستورية، تنصّ على كون الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية، وبالتالي يكون إصدار ونشر أي قانون، بصيغة مختلفة عن تلك التي تمّ التصويت عليها واعتمادها من قبل النواب، حسبما ورد في المراجعة، تزويراً لإرادة الشعب وخرقاً لسيادته يؤدي إلى إبطال القانون،
وحيث إنّ الجهة الطاعنة اكتفت بنقل نصّ المادة 18 من الدستور والفقرة “د” من مقدّمته بدون الإشارة إلى النص الذي تمّ التصويت عليه من قبل النواب أو بيان وجه الإختلاف بينه وبين نصّ القانون رقم 328/2024 بالصيغة التي جرى نشره فيها لإمكان القول بحصول تحريف أو تزوير، وبدون المقارنة ما بين النصين المعوّل عليهما أعلاه وبين وقائع جلسة مناقشة القانون والتصويت عليه في مجلس النواب، لإمكان الأخذ بما وصفته بتزوير الإرادة الشعبية وخرق السيادة،
وحيث لم يتبين للمجلس من الاطلاع على محضر مناقشة القانون المطعون فيه في الهيئة العامة، وجود أية مخالفة للمادة 18 من الدستور، ما يوجب رد هذا السبب أيضاً.
3- في السبب المتعلق بتعدي السلطة التشريعية على صلاحيات السلطة القضائية بعدم استطلاع رأيها.
حيث إنّ الجهة الطاعنة تدلي ضمن هذا السبب بأنّه لم يتم استطلاع رأي مجلس القضاء الأعلى باقتراح القانون المطعون فيه قبل عرضه على التصويت وفق ما تفرضه الفقرة ” ز” من المادة /5/ من قانون تنظيم القضاء العدلي (المرسوم الاشتراعي رقم 150 تاريخ 16/9/1983)، وانّ هذا الاستطلاع يشكّل صيغة جوهرية وتكريساً للضمانة القضائية المنصوص عليها في الفقرة ” ه” من مقدمة الدستور ويكون مخالفاً للدستور ومستوجباً الإبطال،
وحيث إّن المادة /20/ من الدستور تنصّ على ما يلي:” السلطة القضائية تتولاها المحاكم على اختلاف درجاتها واختصاصاتها ضمن نظام ينص عليه القانون ويحفظ بموجبه للقضاء والمتقاضين الضمانات اللازمة.
أمّا شروط الضمانة القضائية وحدودها فيعينها القانون. والقضاة مستقلون في اجراء وظيفتهم وتصدر القرارات والاحكام من قبل كل المحاكم وتنفذ باسم الشعب اللبناني”.
وحيث إنّ الفقرة “ز” من المادة الخامسة من المرسوم الاشتراعي رقم 150/83 تنص على أنّه من صلاحيات مجلس القضاء الأعلى “ابداء الرأي في مشاريع القوانين والأنظمة المتعلقة بالقضاء العدلي، واقتراح المشاريع والنصوص التي يراها مناسبة بهذا الشأن على وزير العدل”.
وحيث إنّه يستفاد من نص المادة /20/، أن ثمة ضمانات يجب حفظها للقضاة والمتقاضين، من أجل تأمين الإستقلال للقضاة وحفظ حقوق المتقاضين، وإنّ التشريع الذي يمس بهذه الضمانات يكون مخالفاً للدستور،
وحيث إنّ الفقرة “ز” يجب أن تفسّر ضمن إطار تلك الضمانات وعلى أنه يتوجب أخذ رأي مجلس القضاء في كل ما يتعلق بشؤون القضاء العدلي والقضاة كالتعديل في النظام القضائي أو في تنظيم المحاكم أو في سن تقاعد القضاة وذلك على سبيل المثال،
وحيث إنّ ما يخرج عن إطار تلك الضمانات لا يمكن أن يشكل انتقاصاً منها ولا يستوجب بالتالي استطلاع رأي مجلس القضاء الأعلى،
وحيث إنّ القانون المطعون فيه الذي علّق المهل القانونية والقضائية والعقدية لا ينتقص من ضمانات استقلالية القضاء أو من حقوق المتقاضين فلا يكون بالتالي من عداد القوانين التي يجب استطلاع رأي مجلس القضاء الأعلى فيها قبل إقرارها ويكون السبب موضوع البحث في غير موقعه الصحيح ويقتضي رده أيضاً.
4-في السبب المتعلق بمخالفة مبدأ فقه القانون ووضوحه وبالتالي مبدأ المساواة:
حيث إنّ الجهة المستدعية تدلي بأن القانون المطعون فيه تضمن خلطاً مشوهاً واضحاً من قبل المشترع ما بين المهل القانونية والمهل القضائية بحيث انه اذا أريد تطبيقه بصورة قانونية دقيقة تحترم التعريفات المعتمدة لهذه المفاهيم، لجاء غير مبرر بجزء كبير منه، اذ انه علّق في المادة الأولى منه سريان المهل القضائية، ثم استثنى في المادة الثانية المهل القضائية من التعليق، الامر الذي ينطوي على تناقض وغموض كبيرين يستحيل بنتيجتهما تطبيق النص بصورة موحدة،
وحيث إنّ الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون المطعون فيه تعلّق حكماً بين تاريخ 8 تشرين الأول 2023 و31 أذار 2025 ضمناً، سريان جميع المهل القانونية والعقدية الممنوحة لأشخاص الحق العام والخاص بهدف ممارسة الحقوق على أنواعها، سواء أكانت هذه المهل شكلية أو إجرائية او جمركية أو امتد أثرها إلى أساس الحق،
وحيث إنّ المادة الثانية من القانون نصّت على الاستثناءات من أحكام التعليق وحدّدت في بندها الأول المهل القضائية التي يترك القانون للقاضي أن يقدرها،
وحيث إنّ الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون المطعون