كتب جو رحّال في “نداء الوطن”:
يُعدّ خطاب القسم الرئاسي انعكاساً لرؤية القادة لمستقبل الوطن وقد شكل خطاب القسم لكل من الرئيس فؤاد شهاب 1958 والرئيس جوزاف عون 2025 مثالين بارزين لهذه الرؤية، حيث وبالرغم من اختلاف الأزمنة والظروف السياسية إلا أن التحديات والأهداف تتشابه من حيث التأكيد على الإصلاح المؤسساتي، تجاوز الانقسامات الطائفية، الأزمات ومكافحة الفساد.
لقد أكد “النهج الشهابي” على أهمية مؤسسات الدولة وتعزيز سيادة القانون كركيزة أساسية للنهوض بالبلاد وخاصةً بعد فترة من الاضطرابات الداخلية خصوصاً النزاع بين الحكومة المدعومة من الغرب والفصائل المعارضة المدعومة من القومية العربية. وبالمقابل نرى أن جوزاف عون بنى نهجاً مشابهاً مشدداً على ضرورة تطوير المؤسسات الأمنية القضائية والتعليمية التربوية. بالإضافة لذلك دعا الرئيسان شهاب وعون للوحدة الوطنية والشعور بالانتماء من خلال تنشئة سياسية والتركيز على الشباب. كان ولا يزال يشكل الالتزام بمكافحة الفساد جزءاً أساسياً من رؤية شهاب للإصلاح، وأكد على ذلك عون في خطابه مشدداً على أهمية الشفافية والمساءلة. فكان لا بد لعون أن يرتكز على تطوير وعي الشباب وتوجيه الموارد لكسب دعم شريحة كبيرة من المجتمع وبناء جهاز حكومي يعمل بكفاءة. ولكن لماذا يتقدم على شهاب بالتنفيذ؟
سؤال أجابته “دروس الماضي” حيث استفاد عون من تجارب أسلافه لتجنب أخطاء الماضي، بالإضافة لدعم دولي قوي بأهداف إصلاحية وخطط تنموية. كما لا بد من التأكيد على دور البنى التحتية الحديثة والتكنولوجيا في تحسين فعالية تنفيذ السياسات، عكس الحال في زمان الرئيس شهاب. لا شك من التشابه الكبير في الرؤية بين شهاب وعون، إلا أن الأول خطط أما الثاني فبدروس الماضي والأدوات الحديثة سيتم تنفيذ رؤيته لدعم الإصلاحات والتغلب على التحديات الجديدة، خصوصاً إذا التزم لبنان بسياسة خارجية متوازنة تحافظ على حياد لبنان الإيجابي في النزاعات الاقليمية والدولية.
لقد جاء خطاب فؤاد شهاب كما خطاب عون بعد فترة من الاضطرابات، وللرئيسين تأثير كبير في تعزيز الاستقرار في لبنان. ولا يمكن أن ننسى التزامهما بتطوير الجيش اللبناني وتحديثه ليكون قادراً على حماية لبنان واستقراره في ظل التحديات الداخلية والخارجية. أما اليوم فنعوّل على عدم عرقلة تشكيل الحكومة الجديدة والتركيز على تنفيذ إصلاحات حقيقية وعميقة وتجنب تكرار أخطاء الماضي والتركيز على “الخاصية اللبنانية” التي تكلم عنها سعيد عقل لمستقبل أفضل للبنان. ويبقى السؤال وخاصةً بعد اللاءات التي تتالت في خطاب القسم للرئيس عون، ما هي خارطة طريق الجمهورية في المرحلة المقبلة “بالنهج العوني الجديد للرئيس المنقذ”؟