بقلم وفاء مكارم
أضفى إعلان البيت الأبيض تمديد مهلة انسحاب القوات الإسرائيلية من الجنوب اللبناني حتى 18 شباط غموضاً على الساحة الميدانية، ما جعل البعض يعتبر أن هناك اتفاقاً سرياً بين إسرائيل والولايات المتحدة قد يذهب لبنان ضحيته.
هذا الغموض فتح المجال على العديد من التساؤلات حول نية إسرائيل من الانسحاب الكامل في الموعد الجديد أي 18 شباط او أنها ستعمل على احتلال هذه الأراضي بصورة دائمة.
غير أن زج الأهالي في المعركة وجهاً لوجه مع العدو الاسرائيلي قد يشعل الحرب مرة جديدة تحت ذريعة تحرير الأرض وحماية الأهالي، دون السماح للجيش اللبناني بفرض سلطته ومنع توافد الأهالي إلى حين التوصل إلى مفاوضات تضغط نحو انسحاب العدو و تأمين عودة آمنة للجنوبيين.
و من هنا، يؤكد العميد المتقاعد خليل الحلو في حديث خاص لـ “ديموقراطيا نيوز” أنه لم يصدر أي بيان من الجيش اللبناني و الدولة اللبنانية يقول أن “حزب الله” انسحب من جنوب الليطاني، و كذلك لم يصدر الحزب أي تعليق من جهته يوضح الأمر، معتبراً أن إسرائيل لم تلتزم بوقف إطلاق النار بل شهدنا على انتهاكاتها المتكررة طوال الشهرين المنصرمين.
و يشير الحلو إلى أن سبب الغموض الحاصل هو عدم رغبة إسرائيل و”حزب الله” بتنفيذ الاتفاق وان ما كان يهم الطرفين هو الوصول إلى وقف لاطلاق النار، لافتاً الى أن الاتفاق ليس وقف لاطلاق فقط بل هو انسحاب الجيش الإسرائيلي من الجنوب و انتشار الجيش اللبناني و تفكيك البنية العسكرية ل”حزب الله” و تراجعه إلى شمال الليطاني و ضبط الحدود مع سوريا.
و يرى الحلو أن اتفاق وقف إطلاق النار هشّ و غير جدي، و لم يتحقق منه شيء، قائلاً أن إسرائيل لا يمكنها الاحتلال الدائم لجنوب لبنان وان وجودهم في الجنوب و تمديد الاتفاق إلى 18 شباط يعود لعدة أسباب أولها انتظارهم تشكيل الحكومة اللبنانية و ما سيحمله البيان الوزاري، فإن تضمن ثلاثية “الشعب و الجيش و المقاومة” ينتهي الاتفاق و ينتهي معه الانسحاب الإسرائيلي،
و السبب الثاني يعود لزيارة نتنياهو المرتقبة للولايات المتحدة الأميركية للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمناقشة الوضع، و السبب الثالث يعود لاحتمال ممارسة الضغط الأكبر على إيران من خلال فرض المزيد من العقوبات القاسية عليها.
و يقول الحلو “حزب الله” قد يستخدم عدم تدخل الجيش لحماية الأهالي كذريعة لإعادة تواجده العسكري جنوب الليطاني بحجة حماية الأهالي من الاعتداءات الاسرائيلية التي تواجههم، لافتاً إلى أن ما نشهده هو عملية منظمة و مكودرة يقف خلفها “حزب الله” و يسعى من خلالها توجيه رسائل للداخل ليرفع سقف مطالبه بالحقائب الوزارية و سيحاول الضغط لإدراج ثلاثية “الجيش و الشعب و المقاومة” في البيان الوزاري، كما سيعمل الحزب على توجيه رسائل للخارج بأنه موجود في الجنوب و لا يمكن تخطيه، و بأن إيران مازالت تسيطر في لبنان رغم إسقاط النظام السوري.
و عن الاستفزازات التي قام بها عناصر الحزب في المناطق اللبنانية، يعتبر حلو أن ذلك يدلّ على أن “حزب الله” يبحث عن فتنة داخلية و يسعى لتسجيل مواقف و يعمل على شحن التوترات وزرع الأحقاد بين المواطنين، مشدداً على أن هذا الأمر مرفوض تماماً خاصةً بعد أن حضن الشعب اللبناني بيئة الحزب خلال الحرب و حرص على تقديم المساعدات و عدم اهانتهم.
بدورها، تؤكد مصادر خاصة لـ “ديموقراطيا نيوز” أن الدولة اللبنانية تحركت و رئيس الجمهورية جوزاف عون و الرئيس نجيب ميقاتي قاما بواجبهما و أجريا اتصالات مع الجانب الفرنسي و الأميركي لتثبيت أن لبنان ملتزم بوقف إطلاق النار، إنما الجيش الإسرائيلي لم يلتزم به، مشيرةً إلى أن إسرائيل لا تصدّق نوايا الحزب، مما دفع الإدارة الأميركية بتمديد وقف إطلاق النار إلى 18 شباط ليخدم الجانب الإسرائيلي في هذا الشأن.
ويلفت المصدر إلى أن هناك حالة ارباك في الدولة اللبنانية جراء عدم حسم ان كان تاريخ 18 شباط هو موعد نهائي للانسحب الإسرائيلي الكامل من لبنان، معتبراً أنه في حال لم تنسحب إسرائيل في الموعد المحدد ستكون حجة “حزب الله”أكبر، مما سيشكّل ضرراً على القرار 1701 و على عملية وقف إطلاق النار.
لكن المصدر يستبعد عودة الحرب بإعتبارها آخر خيارات “حزب الله”، ويقول: ” ان عادت الحرب لن تكون تقليدية بل سيتعاطى الحزب معها بسردية أقوى من السابق أي على أساس وجود أرض محتلة يواجه بها جميع اللبنانيين.
و عن مواجهة الأهالي للجيش الإسرائيلي يعتبر المصدر أن من حق أهالي الجنوب العودة إلى قراهم و انتشال الشهداء من تحت الركام، و كذلك من حقهم دفن شهدائهم.
و يختم المصدر بأنه يتوقع تأجيل تشييع الأمين العام السابق ل”حزب الله” حسن نصرالله بعد أن كانت قيادة الحزب قد حدّدت موعد التشييع في شباط. ولكن مع تغيُّر الأحداث و تأجيل انسحاب جيش العدو من البديهي تأجيل التشييع إلى حين الإنسحاب الكامل من الأراضي المحتلة.