
بقلم هدى فليطي– ديمقراطيا نيوز
في ظاهرة غير مألوفة أثارت قلق اللبنانيين، غادر كانون الثاني هذا العام خاليًا من أي متساقطات. هو مشهدٌ غريبٌ على لبنان المعروف بشتائه القاسي، خاصةً في المناطق المرتفعة عن سطح البحر، و التي تتساقط فيها الثلوج بكثرة، ليحلّ عليها هذا الشتاء ضيفًا ثقيلاً بنسماته الباردة و لكن من دون أمطارٍ و ثلوج.
يُعتبر الجفاف في فصل الشتاء بمثابة جرس إنذار للمزارعين و البيئة، فالمياه تعدُّ أساسية للحياة، و خصوصًا للزراعة التي تعتبر العامود الفقري للإقتصاد اللبناني.
فاللبنانيون اعتادوا على موسم الشتاء و ذوبان الثلوج الذي يُغذّي الأنهار و ينعش الأراضي، لكن هذا الجفاف المفاجئ يزيد من مخاوف الجميع، و يطرح تساؤلات عديدة حول تأثيره على الموارد المائية التي أصبحت في تراجع مستمر نسبةً إلى الزيادة السكانية!..
في هذا السياق يقول الخبير البيئي الدكتور “جلال الحلواني” في حديثٍ خاصٍ ل ” ديموقراطيا نيوز” أنه بات مُحتّماً ان المنطقة كلها تحت تأثير تغيّر مناخي، و يُعزي السبب في ذلك إلى الانبعاثات الغازية التي تؤثر بشكلٍ كبير على طبقة الاوزون ، خاصةً أن هناك دول لم تلتزم ب “اتفاق باريس ” بعد أن دقت الولايات المتحدة ناقوس الخطر ، و الذي يتضمن تعهد الدول الصناعية بتخفيض انبعاثاتها .
و عن خطورة هذه الظاهرة المناخية، يؤكد حلواني أن الوضع سيكون كارثياً إذا كان شهر شباط مثل شهري كانون الأول و كانون الثاني، بحيث ان الاعتماد الاساسي هو على الأشهر الثلاث المسماة ب “الأشهر المطرية” ، شارحاً أن معدل المتساقطات الطبيعي هو حوالي 76 يوماً ممطراً، و بالتالي هذا الشتاء شهد انخفاضاً كبيراً بالمعدل، و هذا مؤشر خطير جداً على الموارد المائية .
ولتدارك هذه الكارثة يقول الخبير البيئي، أنه في حال لم يحمل شهر شباط كمية كافية من الأمطار، فينبغي على الدولة إعلان حالة الطوارئ ، و اتخاذ تدابير صارمة على المدى القصير، لمنع هدر المياه في مجالات عديدة مثل مجال الريّ، و الاستعمال المنزلي و غيرها…،
أما على المدى البعيد فيوضح حلواني أنه يجب على لبنان ، كونه جزء من المجتمع الدولي وانسجامًا مع القرارات الدولية ، العمل بشكل حثيث للتخفيف من نسبة الانبعاثات الغازية حتى لو لم يكن لبنان بلدًا صناعيًّا.
في الختام، يبقى الأمل أن يحمل شهر شباط كمية كافية من المتساقطات تعيد التوازن إلى البيئة، و تخفف من آثار الجفاف الذي يهدد الثروات المائية والأمن الغذائي.
و بما أن هذه الكارثة تشكل مصدر قلق للجميع، من المزارعين إلى الأسر، فإن ذلك يحتم علينا جميعًا إدراك أن الاستجابة لتغيّر المناخ تتطلب أكثر من مجرد انتظار المطر، ويجب تكاتف الجهود و ابتكار استراتيجيات أكثر استدامة للبنان ولأجياله.