نواف سلام: “صفقة” جهنميّة مع “الثنائي الشيعي” و”صفعة” للسُنّة والمسيحيين

مع تكليف نواف سلام بتشكيل الحكومة اللبنانية، ساد جو من تفاؤل والإيجابية بين الأوساط الشعبية والسياسية، نظراً لمسيرته القانونية والأكاديمية الرفيعة، وانتمائه لعائلة سياسية عريقة، إذ أنه ابن أخ الرئيس الراحل صائب سلام، الذي تميز بحنكته السياسية وتوازنه بين سنيته وعروبته ووطنيته. إلا أن التفاؤل بدأ يتلاشى مع توالي المشاورات والتسريبات، حيث اتضح أن سلام يسعى لاسترضاء “الثنائي الشيعي” على حساب باقي القوى، ما أثار تساؤلات حول طبيعة حكومته المرتقبة.
ما هي التوجهات السياسية لنواف سلام؟
يرى بعض المراقبين أن نهج سلام يعكس خلفيته اليسارية المتأثرة بالناصرية، والتي لا تضعه في موقع المواجهة مع ما يُعرف بـ”قوى المقاومة”. لذا، يسعى إلى تحقيق توازن بين أربعة عناصر أساسية لضمان دعم حكومته:
1-المجتمع الدولي: من أجل الإستفادة من الدعم المالي والسياسي.
2-الدعم العربي: خاصة من دول الخليج.
3-الثنائي الشيعي: لضمان تمرير مشاريعه في البرلمان.
4-قوى التغيير: للإستفادة من دعم الكتل المعارضة التقليدية.
إلا أن هذا التوازن أظهر ميلاً واضحاً نحو “الثنائي الشيعي”، مما أثار استياء القوى السياسية الأخرى، خصوصاً المسيحية والسنية، التي اعتبرت أن تمثيلها سيتم بطريقة “منزوعة الدسم السياسي”، أي دون تأثير فعلي في صناعة القرار.
الصفقة الخفية مع الثنائي الشيعي
كشفت مصادر سياسية عن وجود صفقة بين الرئيس المكلف و”الثنائي الشيعي”، حيث تم الاتفاق على أن يكون تعيين وزير شيعي بيد نواف سلام ورئيس الجمهورية، مقابل أن يختار “الثنائي” وزيراً سنياً. ضمن الإطار نفسه، هذه الخطوة تمنح سلام دعماً عربياً ودولياً، وتوحي بأنه نجح في اختراق الحصن الوزاري الشيعي لأول مرة منذ مرحلة الوصاية السورية، إلا أنها في الوقت نفسه تثير مخاوف من تعزيز نفوذ “الثنائي” داخل الحكومة.
وزارة الداخلية والتحديات الأمنية
في المقابل، يتمحورالقلق الأكبر حول حقيبة وزارة الداخلية، حيث تشير المعلومات إلى أن الرئيس السنيورة زكّى العميد أحمد الحجار لهذا المنصب، مع موافقة “الثنائي الشيعي”، ما يمنح الأخير نفوذًا غير مسبوقًا على وزارتين سياديتين، مقابل وزارتين لرئيس الجمهورية. تعتبر وزارة الداخلية من أهم الوزارات، حيث تشرف على الإنتخابات البلدية والنيابية، كما تمتلك صلاحيات واسعة عبر المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي.
كذلك، إن الأخطر من ذلك، هو ما يُحكى عن مخطط لإجراء تغييرات داخل “فرع المعلومات”، تهدف إلى تقويض دوره الأمني، وإعادة تشكيله بما يخدم المصالح السياسية لبعض الجهات، وذلك على غرار ما حدث في “الأمن العام” و”أمن الدولة”، خصوصًا أن الفرع كان يتمتع بدور بارز في تتبع أنشطة بعض القوى السياسية والأمنية المتورطة في عمليات تهريب بين لبنان وسوريا.
ملف العميد أحمد الحجار والجدل حول تعيينه
يُذكر أن العميد أحمد الحجار طُرح اسمه عدة مرات لتولي وزارة الداخلية أو مواقع أمنية حساسة، لكنه كان يواجه رفضاً من الرئيس سعد الحريري، الذي اعترض على توليه مناصب قيادية بسبب ما يُشاع عن قربه من “الثنائي الشيعي” وبعض الشخصيات المؤيدة للممانعة. ورغم محاولاته السابقة للتقرب من تيار “المستقبل”، إلا أنه انضم لاحقًا إلى المحور السياسي الذي يقوده الرئيس نبيه بري، مما عزز حظوظه لدى “الثنائي “.
التداعيات المحتملة على الساحة السنية
تشير مصادر سياسية إلى أن أي حكومة يتم تشكيلها وفق هذه الترتيبات، قد تؤدي إلى رد فعل عنيف داخل الطائفة السنية، التي ستجد نفسها ممثلة بأسماء لا تعكس توجهاتها الحقيقية. فمن غير المقبول أن يتم تقاسم الحصص السنية بين “الثنائي الشيعي” وبعض القوى المدعومة دوليًا، فيما يتم تهميش الشخصيات السنية التقليدية.
في ظل هذه المعطيات، فإن مستقبل حكومة نواف سلام سيظل رهن التوازنات الدقيقة بين القوى المحلية والدولية، ويبقى السؤال الأهم: هل سيتمكن من تحقيق الاستقلالية التي كان يُنظر إليه على أساسها، أم أنه سيسقط في فخ التسويات السياسية التي لطالما أضعفت الحكومات اللبنانية؟

المصدر: نداء الوطن، سامر زريق

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top