
بقلم هدى فليطي- ديموقراطيا نيوز
في الرابع عشر من شباط من كل عام، تتجمع الحشود من أنصار الرئيس سعد الحريري، لإحياء ذكرى اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري وسط العاصمة بيروت، وهو التاريخ الذي يختزن في طياته الكثير من الحزن والألم لشريحة واسعة من اللبنانيين.
ومع مرور السنوات، شهدت هذه الفعالية تحولات ملحوظة في طبيعة الحضور والمشاعر والمواقف السياسية،إذ يظهر في كل مرة مشهد جديد يعكس التغيرات التي طرأت على الساحة اللبنانية، لتؤكد أن الذكرى ليست مجرد احتفال بالماضي،بل هي تجديد بالوعد بإكمال المسيرة التي بدأها سعد الحريري,”الوريث السياسي لرجل استثنائي”.
“الحريري وتعليق العمل السياسي”
منذ 2019 وتحديدا” بعد اندلاع ثورة 17 تشرين،قدم الحريري استقالته من منصبه في رئاسة الحكومة اللبنانية، استجابة” لصوت الشارع، ليعلن من بعدها تعليق عمله السياسي ويستقر في الإمارات العربية.
خطوة الحريري الجريئة و التي أتت منه رفضا” للأوضاع السائدة واحتجاجا على التعطيل في تنفيذ الإصلاحات،أثمرت فراغا” كبيرا” لدى جمهوره، خاصة”وأن الطبقة السياسية بقيت نفسها في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان.
و على الرغم من التافس الشديد بين الشخصيات التي تطمح في قيادة الزعامة السنية على مدى السنوات الخمسة الماضية، إلا أن القاعدة الشعبية قالت كلمتها : “ما حدا بيعبي مكان سعد الحريري”.
هذه العبارة تلخص مكانته كرمز للزعامات السنية، وأيضا” كشخصية محورية لا يمكن تجاوزها ،مهما تغيرت الظروف.
و بالرغم من كل التحديات التي واجهها من أطراف متعددة أثبت الحريري، في ظلّ اعتكافه السياسي أنه ليس غائبا” عن المشهد. قدرته بالحفاظ على قاعدة جماهيرية واسعة، و علاقاته الإقليمية والدولية، أكدت من جديد أنه محط ثقة كبيرة للكثيرين، الذين يرون فيه رمزا” لاستقرار لبنان.
مشهدية ١٤ شباط 2024
في الذكرى الأخيرة، كان جمهور الحريري ينتظر بفارغ الصبر أن يطل عليهم في 14 شباط ليخبرهم بتعليق قرار الاعتكاف،أو على الأقل إشارة منه تحيي الأمل في نفوسهم، لكنه اكتفى بإلقاء تحية صامتة، مليئة بالمعاني، تركت أثرا” عميقا” في قلب كل من حضر كان عنوانها “كل شي بوقته خلو”..
لم تكن تلك التحية مجرد لفتة عابرة، بل كانت تعبيرًا عن مشاعر مختلطة من الأمل والحزن ، من التطلعات والتحديات، أظهرت بوضوح تأثر الحريري وحزنه العميق على لبنان، وعلى شعبه الذي عانى الكثير في السنوات الأخيرة، مع إشارة تؤكد أنه رغم كل التحديات، فإن الطريق لم يغلق بعد.
و من خلال هذه اللحظة، أدرك الجميع أن التغيير يتطلب وقتًا وأملًا، وأن الحريري، رغم كل الصعوبات، لا يزال يحمل هموم لبنان في قلبه.
تلك “المشهدية” التي توقفت فيها عقارب الزمن لبرهة، ستظل راسخة في أذهان جمهور 14 شباط.
“عودة منتظرة”
بعد التغيّرات والتطورات الإقليمية والمحلية وانتخاب رئيس الجمهورية، تزايد الأمل لدى جمهور سعد الحريري، الذي كان يتوق لخبر عودته إلى رئاسة الحكومة.
رغم ذلك، لم يعلن الحريري عن أي موقف رسمي أو ترشح للمنصب، تاركاً الجمهور في حالة من الترقب و الانتظار.
و مع اقتراب تحضيرات 14 شباط، بات الحديث واضحا”، بأن هذا العام يختلف عن الأعوام السابقة، وأن الحريري قد يعلن خلال كلمة يلقيها في ساحة الشهداء، عن عودته إلى العمل السياسي، ليبدأ بعدها بالتحضير مع تياره، لخوض الانتخابات النيابية السنة القادمة، و كان موقع ومنصة “ديموقراطيا نيوز” اول من نشر هذه المعلومات.
هذا الخبر أثار حماس أنصاره وأعاد لهم الأمل في تحقيق تطلعاتهم السياسية و الاجتماعية، الأمل في عودة “بيّ السنة” بعد ٥ سنوات من الغياب.
في ظل الأزمات المستمرة، يبقى الأمل معلقًا على قدرة الحريري على صياغة مستقبل واعد، مما يوفر بارقة أمل للبنانيين الذين يرغبون في رؤية تغييرات إيجابية تؤدي إلى استقرار البلاد وتقدمها.
إن هذه اللحظة التاريخية تشكل بداية فصل جديد في المسيرة السياسية للبنان، الذي ينظر الآن إلى الغد بأمل كبير.