بقلم جوزاف وهبه

كلّ الدلائل تشير إلى أنّ “الذكرى 20” ستكون مختلفة عمّا سبق:الأحداث كبيرة خلال العام 2024، وربّما بعض المعطيات الخاصّة قد تبدّلت نوعاً ما، وذلك يسمح بإطلالة مثيرة للشيخ سعد الحريري، وبخطاب أشدّ إثارةً يليق بذكرى الشهيد الكبير، ربّما تؤسّس لمرحلة جديدة، وتضع الملح الشافي على الجرح المفتوح منذ العام 2005، عند الساعة الواحدة و5 دقائق من تاريخ 14 شباط، حين امتزج دم الرئيس رفيق الحريري بعيد الحبّ، هو الذي أحبّ وطنه حتّى الموت..فماذا يمكن أن يقول الرئيس القادم من الإمارات العربية إلى ساحة الشهداء، حيث يرقد الأب الرئيس الشهيد، في حضرة ألوف الأوفياء الذين يتوافدون من كلّ لبنان، للوقوف قليلاً على الضريح، وللإستماع إلى الكثير من الكلام والمواقف؟
بداية، بشيء من الغبطة والفرح ونشوة الإنتقام، سيخبر “سعد” والده “رفيق” بماy حصل ويحصل لمَن فكّر وخطّط ونفّذ تلك الجريمة التي سُمّيت “جريمة العصر”:لقد توزّعوا جميعهم، يا أبتاه، الواحد تلوَ الآخر، ما بين ظلمة القبر، وقسوة المنفى، وغياهب السجن.كلّ “شريك” إستحقّ قصاصه، وكان الله عادلاً في ذلك، ولا إعتراض على حكمته تعالى..
بشّار الأسد، الذي لم يُراعِ في حضورك ذات صباح دمشقي، لا المكانة الرسميّة اللبنانيّة ولا الشخصيّة، قد “طار” كما جاء في تعبير الأمين العام لتيّار المستقبل أحمد الحريري.بات مجرّد لاجئ في أحد فنادق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ينام بتوقيته ويستيقظ على دقّات شرطيّ الباب، منتظراً يوماً بيوم “مصيره الأسود”، وهو لن يكون أقلّ من عمليّة تسمّم مدبّرة في عتمة ليل، أو في أحسن الأحوال من ضمن صفقة تسلّم وتسليم مع القيادة السوريّة الجديدة برئاسة أحمد الشرع، مقابل إستمرارية مصالح “القيصر” على شاطئ البحر الأبيض المتوسّط!
حسن نصرالله، وهنا بيت القصيد، رغم شهادته على يد العدو الإسرائيلي (وهو يبقى العدوّ كيفما كان)، ورغم تزامن الذكرى مع مراسم تشييعه المتأخّر، لم يكن على قدر الوفاء الذي طالما أسبغه على حلفائه في السياسة أمثال الرئيس السابق ميشال عون، وأمثال الرئيس المؤجّل سليمان فرنجيّة.لم يحسب لك حساباً في ما قدّمته للمقاومة، ولم يكترث بمصالح الوطن، حين اتّخذ القرار باغتيالك (بالتطنيش أو بالموافقة) على أيدي مجموعة قيادية من حزبه/ حزب الله.رأى في غيابك “نصراً مبيناً”، وسجّل بحقّ بيروت وأبنائها “يوماً مجيداً”، وغرّد مفتخراً مثنّى وثلاث أنّ قاتليك “لا يمكن القبض عليهم لا بسنة ولا 100 ولا 300 سنة”، رغم قرارات المحكمة الدولية التي أدانت قياديّي حزبه بأدلّة الجريمة الموصوفة غير القابلة للشكّ أو التمييز.وهكذا فعل أتباعه:هلّلوا في 14 شباط، وانتصروا لبشار الأسد ولسوريّا الأسد في فترة لصيقة بما بعد طوفان محبّيك في 14 آذار 2005!
..ويتابع الشيخ سعد:في خطاب 2025، لن أدوّر الزوايا، ولن أحسب حساباً ل “بيّ البلد وأمّه”.حان الوقت لأقطع “شعرة معاوية”، وأسمّي الأشياء بأسمائها الجارحة.مَن لم يقدّر شهادة رفيق الحريري، لن أقدّر شهادته أيّاً كانت ظروفها وتداعياتها.ومَن لم يأبه لجراح بيروت، لن أبكي على أطلال ضاحيته المنكوبة.أصل البلاء بدأ مع اغتيالك في عزّ النهار، وفي عزّ عطائك اللامحدود للبلد بجميع طوائفه دون إستثناء، وقد حان الوقت للمجاهرة بالقول العتيد “العين بالعين والسنّ بالسنّ..وإنكار الشهادة بإنكار الشهادة”.لا دم أغلى من دمائك، ولا مجال للعفو أو المسامحة في خطابي.سأشير إلى “القاتل” ملء كلماتي، ولن أترك لُبساً أو غشاوةً حول هويّة حملَة السكاكين.لم يرحموك، لا في حياتك ولا في مماتك، ولن أتلو فوق أضرحتهم آيات الرحمة والعفو عند المقدرة!
سعد الحريري، إن حكى، يُكمل سِفر “نشيد الأناشيد”، كما جاء في العهد القديم:لقائي معك هذه السنة سيكون إحتفاليّاً بلا دموع، الإحتفاء بسقوط بشار الأسد وعودة ياسمين دمشق إلى الحضن العربي..الإحتفاء بسقوط محور الممانعة الذي عاث بالبلد خراباً ودماراً وبالعروبة تشويهاً وتشتّتاً..والإحتفاء الأكبر بأنّ جميع الذين غمسوا أيديهم بدمائك الطاهرة قد تساقطوا ويتساقطون كأوراق شجرة التين التي شهدت شنق يهوذا الإسخريوطي بائع يسوع الناصريّ بأربعين فضّة، وقد فرّقتهم رياح “الشرق الأوسط الجديد” هباءً منثوراً!

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top