
لا تزال الأوضاع الأمنية في لبنان تشهد تصعيداً خطيراً، حيث شهد طريق المطار في الأيام الأخيرة أحداث شغب واعتداءات غير مسبوقة، حوّلت المنطقة إلى ساحة مواجهة. فقد أقدمت مجموعات مجهولة-معلومة على أعمال تكسير وحرق سيارات، ما أثار استنكارًا واسعًا، خاصة أن هذه التطورات تأتي في ظل مرحلة جديدة يسعى فيها لبنان إلى تحقيق الاستقرار بعد انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة.
ومن أبرز الأحداث التي شهدها هذا التصعيد، كان الاعتداء على موكب نائب قائد القوات الدولية العاملة في لبنان (اليونيفيل)، حيث تعرضت إحدى آلياته للحرق وأصيب عدد من العناصر، ما دفع باليونيفيل إلى إصدار بيان شديد اللهجة، معتبرة أن هذه الهجمات انتهاك صارخ للقانون الدولي وقد تشكل جرائم حرب. كما دعت السلطات اللبنانية إلى فتح تحقيق شامل وتقديم المسؤولين إلى العدالة.
في سياق متصل، أكد الجيش اللبناني رفضه التام لأي اعتداء على اليونيفيل، مشددًا على التزامه بحفظ الأمن ومنع أي محاولات لخلق توتر داخلي قد يهدد الاستقرار الوطني. وأعلن أنه سيتخذ إجراءات صارمة بحق المتورطين في هذه الأحداث.
ضمن الإطار المذكور، تأتي هذه التطورات قبل أيام قليلة من انتهاء مهلة اتفاق وقف إطلاق النار الممددة في 18 فبراير، وسط تصاعد الحديث عن احتمال تمديدها مجددًا، في ظل عدم التزام إسرائيل بالانسحاب الكامل من المناطق المتفق عليها. كما أنها تتزامن مع جهود دبلوماسية يقودها قائد الجيش اللبناني عبر اتصالات مكثفة مع فرنسا، الولايات المتحدة، والسعودية، بهدف الضغط على إسرائيل لاستكمال انسحابها.
أمّا في إطار الحلول المطروحة، برز المقترح الفرنسي لنشر قوات إضافية تابعة لليونيفيل في جنوب الليطاني، وهو اقتراح واجه رفضًا إسرائيليًا رغم تبنيه من قبل باريس. في المقابل، أكد رئيس لجنة آلية مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار ثقته في قدرة الجيش اللبناني على فرض سيطرته على القرى المتبقية قبل الموعد المحدد لانسحاب القوات الإسرائيلية.
على الصعيد السياسي، يستعد رئيس الحكومة نواف سلام لتسريع إقرار البيان الوزاري، بهدف التركيز على معالجة الأزمات المستجدة، وسط مخاوف من محاولات لزعزعة الاستقرار وتشويه صورة لبنان.
من جهة أخرى، شهدت الذكرى العشرين لاغتيال الرئيس رفيق الحريري اهتمامًا واسعًا، تزامنًا مع عودة الرئيس سعد الحريري إلى الساحة السياسية، حيث أعلن استئناف العمل السياسي والمشاركة في الاستحقاقات الوطنية المقبلة، مؤكدًا أن “كل شيء بوقته حلو”، في إشارة إلى إمكانية عودته للمشهد السياسي بشكل أقوى “.
وفي ظل هذه التطورات المتسارعة، تبقى الأنظار متجهة نحو الأيام المقبلة لمعرفة ما إذا كانت الجهود الدبلوماسية ستنجح في ضبط الأوضاع، أم أن التصعيد الأمني سيأخذ منحى أكثر خطورة على استقرار البلاد.
المصدر: جريدة الأنباء الإلكترونية