
بقلم خالد صالح
إنها الواحدة عند ظهيرة الرابع عشر من شباط ٢٠٢٥، وأمام الآلاف الذين غصّت بهم ساحة الشهداء لآحياء الذكرى العشرين على اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري .. وقف الرئيس سعد الحريري معلنًا “تعليق التعليق” والعودة إلى الحياة السياسية اللبنانية والمشاركة بكل الاستحقاقات الوطنية المقبلة ..
تلاقى الرئيس الحريري مع جمهوره في مشهدية الوفاء بالوفاء، والثبات بالثبات، هذا الجمهور المتعطش لموقف سياسي يتسلح به في القادم من أيام لبنان، بعد جملة واسعة من الأحداث التي حصلت وجملة من القضايا المطروحة بقوة وتحتاج إلى رؤيا يستند عليها
ماذا يعني هذا ؟
أولا: عودة الركن الأكبر والأوسع انتشارًا في لبنان إلى مكانته الطبيعة كـ “حجر الزاوية” لاسيّما بعدما أثبتت الفترة الماضية أنه من سابع المستحيلات على أي جهة أن تملأ “الفراغ” الذي نجم عن التعليق قبل ثلاث سنوات ..
ثانيا: عودة تيار المستقبل ليلعب دوره الوطني الكامل من دون نقصان، خصوصًا بعد جملة المتغيرات التي طرأت على لبنان والمنطقة
ثالثًا: التمسّك بمنطق “الدولة” لأنه المنطق الأسلم و “ما بيصح إلا الصحيح”، لان الدولة التي استعادت هرميتها بعد انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، هي الجهة المخولة حماية لبنان وتوفير حياة كريمة للبنانيين .. كل اللبنانيين ..
رابعا: التأكيد على جملة من المتلازمات، إعمار ما تسببت به حرب العدو الاسرائيلي على لبنان من الجنوب إلى الضاحية والبقاع، واستكمال بلسمة الجراح التي خلفها انفجار المرفأ وتحقيق العدالة لذوي الشهداء ولبيروت، ووضع خطة اقتصادية تنتشل البلاد من ازماته الخانقة التي تمر بها منذ خمس سنوات ..
خامسًا: التأكيد على عروبة لبنان ضمن الأطر الصحيحة للعائلة العربية والدعم الكامل للقيادة الجديدة في سوريا لبناء علاقات ثنائية ندية قائمة على الاحترام المتبادل لسيادة لبنان وسوريا، ورفض قاطع لمشاريع التهجير المطروحة للشعب الفلسطيني في غزة وتحديدا نحو المملكة العربية السعودية ..
وماذا بعد ؟
حسم الرئيس سعد الحريري خياراته للمرحلة المقبلة وبوضوح، خوض كل الاستحقاقات الوطنية المقبلة وهذا كافٍ ليثير جملة من التساؤلات حول كيفية صياغة تحالفاته المتوقعة، قطعا لن تكون قائمة على أي من الأسس السابقة، بل ستكون مبنية بشكل متين وعلى ثوابت وطنية راسخة لا تتغير ولا تتبدل وفق الأهواء الشخصية من هنا ومن هناك ..
ما حصل في بالقرب من ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري بالأمس ليس مجرد إحياء للذكرى، بل هو تكريس مطلق لـ “زعامة” سعد الحريري، هذه الزعامة التي يستمدها من جمهوره العريض، الذي بقي معه على “المرة” لأنه كان على يقين أن “الحلوة” قادمة، وأنه لن يفرط بـ “زعيمه” الذي بينهما “عشرة عمر” ..
المشهد المهيب في ساحة الشهداء أعاد الحنين إلى مشاهد ١٤ آذار العظيمة، والعودة إلى روحيتها تتطلب من جميع الأفرقاء شفافية في التعاطي ومصداقية في التعامل، كي تلاقي “سعد الحريري” في القاسم المشترك بينها “لبنان أولًا” قولًا وفعلًا، وأن تكون المصلحة الوطنية هي المتقدمة دومًا، لأن قوة لبنان بمؤسساته الدستورية والإدارية والرسمية هي قوة لجميع اللبنانيين ..
انتهى ١٤ شباط ٢٠٢٥ لكن مفاعيله وضعت مداميك صلبة للمرحلة المقبلة، وأسقطت كل محاولات الاغتيال السياسي للرئيس الحريري أو لوراثته ووراثة تياره وجمهوره العريض، لسبب بسيط جدا وهو الاهم على الاطلاق، التمسك بنهج الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورؤيته واعتداله، هذا النهج الذي كرس الرئيس سعد الحريري “زعيما” بلا منازع ..