مراسم “رفيعة” تدشن عودة لبنان للحضن العربي من بوابة الرياض بيان مشترك يؤسس للمرحلة الجديدة من دون “مكرمات” بإنتظار الأفعال!

كتب د. عبدالله بارودي

صدر البيان اللبناني السعودي المشترك عقب لقاء القمة الذي جمع الرئيس جوزاف عون ووليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.. هذا البيان جاء ليكرّس بمضمونه طريقة تعاطي الإدارة السعودية الجديدة مع لبنان والتي لا تتشابه بالمطلق مع النسخ القديمة المبنية فقط على “المكرمات” دون سقف و بلا ضمانات !..

يبقى ان العنوان العريض لهذا البيان، يحمل في طيّاته رسالة واضحة المعالم لكل الأفرقاء اللبنانيين، و مفادها ان المملكة العربية السعودية تقف الى جانبكم و تدعمكم، لكن بشرط ان تنفذوا تعهداتكم و التزاماتكم و عفى الله عمّا سلف!..
فهل سيكون اللبنانيون هذه المرة على قدر المسؤولية؟

بداية و قبل الخوض في مضمون البيان، لا بدّ من التنوية و الإشارة الى الشكل الذي أرادت القيادة السعودية اظهاره من خلال مراسم استقبال الأمير محمد بن سلمان للرئيس عون.
حفاوة بالغة و لقاء ب”الأعناق” و”السلامات الحارة” كلها اشارات مقصودة. عشاء خاص وديّ فيه كرم الضيافة السعودية و دلالة للضيف بأنك بين أهلك و ربعك و بلدك الثاني.
فيديوهات و صور نشرت عمدًا عبر الوكالة الإخبارية السعودية الرسمية (واس) بشكل متتابع و مستمر طوال فترة المراسم، أظهرت بشكل جليّ ان استقبال الرئيس اللبناني جاء على مستوى استقبالات أكبر و أهم زعماء و رؤساء و ملوك العرب و العالم ..

لنعود الى البيان المشترك الذي صدر عن قيادة البلدين، و الذي جاء بمجمله عبارة عن الشروط الرسمية المطلوبة من لبنان عربيًا ودوليًا و التي جاءت هذه المرة، ولأول مرة، بشكل صريح، واضح و ممهورة بتوقيع الجانبين السعودي و اللبناني
فما هي الإلتزامات المطلوبة من الجانب اللبناني؟ :
أولًا : تطبيق “اتفاق الطائف” أي لا كلام عن التقسيم والفيدرالية

ثانيًا: تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة ب”إتفاق الطائف”، بمعنى ليس فقط القرار 1701 بل الأهم القرار 1559..

ثالثًا : حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية و بسط سيادتها على كل أراضيها، أي نزح سلاح “حزب الله” والفصائل الفلسطينية.

رابعًا: تعزيز دور الجيش اللبناني ومساعدته واعطائه كل السلطة والحق لبسط سيطرته على كل الأراضي اللبنانية.

خامسًا: علاقات لبنان العربية هي الضمانة لأمنه واستقرار. وعليه المطلوب الإبتعاد عن أي محور يعادي العرب وعدم تكرار التجربة السابقة ..

سادسًا: تطبيق خطاب القسم و مضمون البيان الوزاري.

سابعًا: البدء بالإصلاحات المطلوبة دوليًا والشفافية و تطبيق القوانين بهدف تعافي الإقتصاد اللبناني..

في مقابل هذه الإلتزامات، و لحين التأكد من القدرة على تنفيذها و حسن تطبيقها من الجانب اللبناني، أعطت السعودية و كمبادرة “حسن نيّة” بداية العمل او التحضير لما يلي:
أولًا: دعم الحيش اللبناني.

ثانيًا: دراسة المعوّقات لإستئناف التصدير من لبنان الى السعودية.

ثالثًا: دراسة الإجراءات اللازمة للسماح للمواطنين السعوديين بالسفر الى لبنان.

أرادت المملكة ان تقول للبنانيين نرحب بعودتكم، ونثمّن عاليًا جهودكم و وعودكم بتنفيذ ما هو مطلوب منكم من أجلكم و من أجل مستقبل أفضل لأبنائكم..
و نحن في المقابل، على أتم الإستعداد لمساعدتكم، ومدّ يد العون لكم بمختلف الإتجاهات

لكن كل ذلك، شرط بدء عملية الإصلاح و تنفيذ الالتزامات على أرض الواقع و ليس فقط مجرّد اطلاق كلام و شعارات!!..
ثمة من يقول، بيان هام و تاريخي بالنسبة للبنان أقلّه لجهة عودته للحضن العربي من “البوابة السعودية”. لكن ما يدعو للتمعّن و الحذر و أخذ الأمور بجديّة أكبر، ان البيان خلا من أي اشارة لدعم ماديّ مباشر و محدّد كما جرت العادة، لا بالنسبة للجيش و لا حتى بالنسبة لإعادة الإعمار، ما يعني ان المال السعودي و الخليجي عمومًا سيبقى مُعلّقًا و رهن الوفاء بالإلتزامات و الشروط المطلوبة!..
و لعلّ اعادة تفعيل الإتفاقيات الثنائية و التي بلغ عددها ٢٢ اتفاقًا في الزياراة الرسمية المقبلة لرئيس الجمهورية جوزاف عون مع رئيس الحكومة نواف سلام (الا اذا اقتصرت الزيارة على سلام بمفرده)، تكون الخطوة التجريبية الوحيدة او الفرصة الأخيرة للبنان لإظهار مزيدًا من الرعاية السعودية و العربية قبل الوصول الى نقطة اللاعودة؟!..

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top