تعيينات حكومة “شهرزاد” .. وصمت “شهريار” المطبق !!

بقلم خالد صالح

مَن منا لم يقرأ أو يسمع قصة “ألف ليلة وليلة”، ودهاء “شهرزاد” في التحايل على مليكها “شهريار”، وأنقذت بنات جنسها من سيفه،. هذه القصة التي سنشهد تماثلًا لها في لبنان من خلال “الحكومة” بحيث تطل “شهرزاد” أمام كل مفصل لتقوم بـ “تخدير شهريار” بحثًا عن الغايات التي تكمن في نفس يعقوبها ..
لم تكن جلسة مجلس الوزراء الأخيرة “مبشّرة” رغم كل ما قيل ويقال عن مسألة “التضامن الوزاري” الذي يعوّلون عليه كثيرًا، ولاتزال أصداء العبارة “الأحجية” التي اطلقها رئيس الجمهورية جوزاف عون تدور في فلك التوقعات لمسار الأمور في حكومة العهد الأولى، فقد أكدت هذه “الأحجية” أن ما يدور داخل الحكومة غير المعلن عنه تمامًا .
“نحن جئنا إلى هذه الحكومة لنتخذ القرارات وليس لنعرقل”، وفي الأمثلة الشعبية “ما في دخان من دون نار”، وعند التحدث عن “العرقلة” يعني هناك من حاول هذا الأمر سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وهناك من لايزال يتصرّف وكأن شيئًا لم يتغير في لبنان أو في المنطقة، وهناك الكثير من المراهنات على أن هذه المتغيّرات قد تدفع لبنان إما إلى صفحة بيضاءَ مشرقة أو نحو هاوية سحيقة أكثر مما بلغناه .
البلاد برمتها تحتاج إلى سلّة تعيينات إدارية وقضائية وعسكرية وأمنية تعيد بلورة كيان الدولة، لكن قبل هذا على السلطة الاجرائية أن تبحث عن وسيلة تطمئن اللبنانيين إلى ما ستؤول إليه الأمور لاسيما أن ماكان متوقعًا في الجلسة الأولى تمّ ترحيله إلى الجلسة المقبلة من دون توضيح الأسباب التي أدّت إلى تطيير التعيينات .

الكباش القاسي

لن تكون سلة التعيينات إجراءً روتينيًا تعمد إليه أي حكومة في بداية عهد جديد، لكن التركيبة “الهجينة” لهذه الحكومة والتي يعتبرها البعض “مفخرة”، تضع التعيينات في خانة “الفخ” الذي قد ينسفها عن بكرة أبيها، ويجعل من شعار التضامن الوزاري “خرقة بالية”، فلاتزال محاولات “كلنا إرادة” للهيمنة على قرارات الحكومة واستغلال تركيبتها المتناقضة لتمرير مشاريع أسماء لبعض الإدارات ممن يدورون في فلكهم، تحت قاعدة الوزير المختص هو صاحب الكلمة الأبرز في توجيه بوصلة الأسماء .
لهذا كان رئيس الجمهورية واضحا عندما قال “العبارة الأحجية” المشار إليها أعلاه، لنتخذ القرارات لا لنعرقل، لأنه أدرك أن التضامن الوزاري صار على المحك وأن التوافق يجب أن يكون طاغيًا كي تبدأ الحكومة مسيرتها في الاصلاح الإداري، لكن ما أنت فاعل بأولئك الذين يعتبرون أنفسهم منتصرون ؟ سواء من هذه الجهة أو من تلك .
من هنا من المتوقع أن تشهد الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء كباشًا قاسيًا بين الجهات السياسية المتواجدة في الحكومة (الثنائي- القوات اللبنانية- الاشتراكي)، ومن الممكن أن يؤدي هذا الكباش إلى تسلل “كلنا إرادة” على حسابهم خصوصًا أن رئيس الحكومة أظهر أنه “يستأنس” برأيهم مع “حبة مسك” أو بالأحرى “زيادة عن اللزوم” .

البحث عن آليات !!

الجلسة الماضية خرج الرئيس سلام ليؤكد أن العمل ينصب حاليًا على إيجاد آلية يسير عليها قطار التعيينات بلا توقف، وهذه “حجّة” لا أكثر، فالبعض في “كلنا إرادة” يعتقد أن ما تحقق من توافق على الحكومة تشكيلًا وبيانًا وزاريًا وثقة مريحة في المجلس النيابي، يمكنه أن ينسحب أيضًا على “التعيينات” لذلك تبحث عن “حصة الأسد ” فيها، في محاولة لتأسيس قواعد ثابتة في الدولة العميقة، وما أدراك ما هي الدولة العميقة في لبنان وماذا يمكن للمتغلغل فيها أن يفعل ؟..
لذلك فإن “الآلية” هي عبارة عن عملية البحث عن موطئ قدم للبعض الذي بدأ يستشعر أن الفرصة مواتية للقيام بتغيير جذري على مستوى السلطة الاجرائية ونسف كل التوازنات القائمة والتي قد تجرّ البلاد إلى صراعات نحن بالغنى عنها خلال هذه المرحلة والتي نحتاج فيها إلى أعلى درجات التوافق الوطني .
هذه الآلية التي رأيناها تحت مسمىً آخر خلال تأليف الحكومة أو بما بات يُعرف بـ “المعايير” والتي لاقت انتقادًا كبيرًا من قبل عدة أفرقاء أساسيين في البلاد، سياسيًا ومناطقيًا وحتى مذهبيًا، والتي كشفت عن جهل كبير لدى رئيس الحكومة بالتوازنات المحلية، وأدار “أذنيه” الاثنتين لجهة معروفة الهوى والسياسة ولأسباب لم تعد خافية على أحد .
وعليه فإن الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء والذي قد نشهد فيه “سلّة تعيينات” خصوصًا في المراكز الأمنية الشاغرة أو العاملة بالانابة او التكليف، وسيتم ترحيل بقية التعيينات لجلسات أخرى بحيث يتم تمريرها على دفعات أو على حسب الأولويات، وتلعب “شهرزاد” على منوال غاياتها التي رسمتها مسبقًا، بينما “شهريار” يرقص سعادة عندما يحلّ الصباح ليسكت معها عن الكلام المباح .

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top