“حاكم مصرف لبنان الجديد: هل ينجح في إنقاذ الاقتصاد وإعادة أموال المودعين؟”

يترقّب اللبنانيون تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان وسط آمال كبيرة بإحداث تغيير جذري يعيد الثقة بالقطاع المصرفي، ويضع خطة واضحة لحل أزمة الودائع المتعثرة منذ عام 2019. هذه التوقعات ليست جديدة، فقد سبقت تعيين وسيم منصوري كحاكم بالإنابة في أغسطس 2023، آمال مماثلة بقدرته على ضبط الانهيار المالي، إلا أن غياب حكومة إصلاحية فعّالة حال دون تحقيق نتائج ملموسة.

أولويات الحاكم الجديد: إصلاح داخلي وهيكلة القطاع المصرفي

يواجه الحاكم الجديد مهمة مزدوجة: إصلاح النظام الداخلي لمصرف لبنان، ووضع سياسات نقدية ومالية مستدامة. ومن أبرز الأولويات:

  1. تعزيز الحوكمة داخل مصرف لبنان
    كان تفرّد الحاكم السابق بالقرارات النقدية على مدى عقود أحد العوامل التي ساهمت في تفاقم الأزمة. لذلك، من الضروري وضع آليات رقابية فعّالة تضمن الشفافية والمحاسبة داخل الإدارة المركزية.
  2. تفعيل دور لجنة الرقابة على المصارف
    لم تقم لجنة الرقابة منذ اندلاع الأزمة بأي خطوات جدّية للحدّ من المخاطر المصرفية أو حماية أموال المودعين. إعادة تفعيل دورها سيساهم في ضبط القطاع المصرفي وتحقيق رقابة شفافة على تنفيذ التعاميم والقوانين.
  3. إعادة هيكلة النظام المصرفي
    تحتاج المصارف اللبنانية إلى إعادة تأهيل من خلال خطة واضحة لمعالجة الخسائر، مع ضمان حماية أموال المودعين قدر الإمكان. كما يجب تحديد معايير جديدة لإدارة العلاقة بين مصرف لبنان والمصارف التجارية.
  4. تحرير سعر الصرف بشكل مدروس
    يوصي الخبراء باعتماد سعر صرف مرن يحدده السوق، مع دعم هذا التوجّه بسياسات مالية ونقدية متماسكة لمنع التقلبات الحادة وضمان الاستقرار النقدي.

إجراءات ضرورية للنهوض الاقتصادي

إلى جانب إصلاح القطاع المصرفي، يتطلّب التعافي المالي تنفيذ مجموعة من الإصلاحات الأساسية، منها:

  • إجراء تدقيق شامل لحسابات المصارف ومصرف لبنان
    التدقيق في البيانات المالية ضروري لكشف حجم الخسائر الحقيقية، وتوفير أرضية شفافة لبناء سياسات اقتصادية مستدامة.
  • مكافحة الاقتصاد النقدي غير المنظم
    يشكل الانتشار الواسع للاقتصاد النقدي تهديدًا للاستقرار المالي، ويرفع من مخاطر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. لذا، فإن تعزيز أنظمة الدفع الإلكتروني واستعادة ثقة المواطنين بالمصارف أمر ضروري لضبط التداول النقدي.
  • إعادة هيكلة الديون العامة
    يواجه لبنان عبئًا ضخماً من الديون، مما يستدعي إعادة هيكلتها عبر اتفاقيات جديدة مع الدائنين، بالتوازي مع تحسين تحصيل الضرائب والحدّ من الهدر المالي.

التعاون مع المجتمع الدولي

لا يمكن تحقيق الاستقرار النقدي والمالي دون تعاون فعّال مع المؤسسات الدولية، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي، الذي يوصي بإصلاحات نقدية ومالية صارمة تشمل إعادة تسعير العملة وإطلاق عملة لبنانية جديدة مدعومة بسياسات اقتصادية قوية. كما يُعدّ التنسيق مع الولايات المتحدة ضروريًا لضمان دمج لبنان في النظام المالي العالمي بطريقة آمنة ومستقرة.

وأخيراً، أمام الحاكم الجديد مسؤولية كبرى في إنقاذ الاقتصاد اللبناني وإعادة الثقة بالقطاع المصرفي. لكن نجاحه لن يكون ممكنًا دون تعاون مختلف السلطات التشريعية والتنفيذية، إلى جانب التزام المصارف بإصلاحات جذرية. فهل يكون التغيير هذه المرة حقيقيًا أم مجرّد وعود جديدة؟

المصدر: نداء الوطن، رنى سعرتي

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: