عامٌ آخر انقضى وأموال المودعين ما تزال في المجهول!

بقلم رفال صبري

على مشارف العام الجديد يزداد القلق لدى مودعي المصارف بشأن أموالهم المحتجزة منذ العام 2020، والأمر يزداد سوءًا مع مرور الوقت والحلول في نفاذ، والطريق مسدود أمام الجهات المعنية!

بين عبارة “احتياطي المركزي اللّبناني لا يكفي لإنهاء مشكلة المودعين” التي تتردّد باستمرار وبين “إلغاء التعميم 151 واستبداله بهيركات 60% من الودائع” هنا “ضاعت الطاسة”!.

في هذا الإطار يشير الخبير في المخاطر المصرفية والباحث في الاقتصاد الدكتور محمد فحيلي في حديثٍ إلى “ديموقراطيا نيوز”، إلى “أنّ مشكلة أموال المودعين تعود إلى بداية العام 2020 ، حينها لم يكن بمقدور المصارف دفع أموالها بالشكل النقدي أو تحويله إلى الخارج بسبب عدم وجود سيولة لا داخليًا ولا خارجيًا.”

يرى فحيلي “أنّ مصرف لبنان كان يملك السيولة في تلك الفترة، لكن بسبب التلوث السياسي وُضِعت الأخيرة بتصرف السلطة السياسية، والعمل بقرار التوقف عن خدمة الدين عندما كان مصرف لبنان يملك أكثر من 30 مليار دولار في جعبته من الاحتياطي بالعملة الأجنبية، وكان الاستحقاق في وقتها لا يتعدى 2 أو 3 مليار دولار كاملًا.

لذلك يعتبر فوضى العمل بقرار كهذا دون دراسةٍ موضوعيةٍ لتداعياته خصوصًا وأنّ ديون الدولة كانت حوالي 30 مليار دولار مجدولة للعام 2037 أصبحت مستحقة على الفور عندما قررت الدولة التوقف عن خدمة الدين”.

منذ أعوام والدّولة في الدّوامة نفسها، فلا الأزمة انحلّت ولا المودعين أخذوا مستحقاتهم ولم يشهد القطاع المصرفي أيّ خطوة لترميم المشكلة وإعادة الحياة إليه، بل على العكس فإنّ كل الإجراءات التي اتّخذتها السلطات المعنية كانت تسير نحو تدمير إضافي للقطاع.

يجد فحيلي، بأنّ “مصير أموال المودعين اليوم هو رهن إعادة الحياة إلى القطاع المصرفي فإذا المصارف بخير، أموال المودعين بخير!
والأمر المؤكد أنّ المودعين لا يطالبون بأموالهم نقدًا كاملة، إنّما يريدون الإطمئنان عليها والتأكد من القدرة على السحب منها متى تطلب الأمر سواءًا لجهة تسديد التكاليف أو الفواتير على أنواعها.”

أمّا فيما يتعلّق بمشروع قانون إصلاح وضع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها تمهيداً لتحديد المصارف القادرة على مواصلة عملها مقابل أخرى ستتعرض للتصفية فيعتبر فحيلي أنّه “مشروع جيّد لو انطرح في أوائل ال 2020 و باشرنا بتنفيذ تفاصيله ومتطلباته آنذاك.
لكن اليوم المشروع بمعظم تفاصيله لا جدوى منه على اعتبار أن العديد من الحسابات تفرقت من الأرصدة خصوصًا تلك التي بالعملة الأجنبية، والعديد من التحاويل حصلت إلى خارج لبنان أُفرغت من السيولة والاقتصاد اللبناني هو بحاجة إليها.
وبعد مرور 4 سنوات معظم المصارف أصبح رأسمالها سلبيًا ويجب وضع اليد عليها أو وضعها تحت إدارة جديدة أو دمجها، وحتى استحواذها من خلال مصرف مقتدر آخر.”

إذًا جميع الحلول والمقترحات باءت بالفشل وحتّى اللحظة لا قرار نهائي بشأن مصير أموال المودعين… عامٌ جديدٌ على الأبواب والأزمة الاقتصادية بجميع أوجهها مطموسة الهوية والمستقبل فهل من اقتراح سوي وقابل للتطبيق يمكن أن يرضي جميع الأطراف؟

من هذا المنطلق يقترح فحيلي الحلّ: أوّلًا، من خلال إطلاق عجلة ترميم الثقة بين المودع والمؤسسة المصرفية من جهة وبين المواطن اللّبناني والمؤسسة المصرفية من جهةٍ أخرى. وذلك من خلال تأمين حاجات المودع وتلبية رغباته، وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنّ من أصل 55 مصرفًا تجاريًا في لبنان فقط ما يقارب ال 20 مصرفًا بإمكانهم الاستمرار في خدمة الاقتصاد وضخ رأس مال جديد إليه.
وهنا يأتي دور لجنة الرقابة على المصارف في الفرز بين تلك القادرة على الاستمرار بخدمة الاقتصاد ودعمها، والمصارف المصنّفة ك “دكاكين مصرفية” ويجب إغلاقها.
ثانيًا، العودة إلى تسهيل العمل بوسائل الدفع المتاحة من خلال القطاع المصرفي وإيجاد آلية معينة ومتوفرة يتمكن المودع من الوصول إليها عند الحاجة.
ثالثًا، عودة المؤسسات إلى توطين رواتب الموظفين بحسابات مصرفية وتدريجيًا تعود الحياة إلى القطاع المصرفي. وبذلك يتمكن من امتصاص عدد كبير من الخسارات التي سبق أن واجهها.

وبذلك يكون الهدف تأمين حاجات المودعين وليس رغباتهم، وهو بالفعل مسار طويل، لكنه أفضل من جدولة ودائع الناس!

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top