
يواصل صندوق النقد الدولي الضغط على لبنان لتنفيذ إصلاحات اقتصادية هامة، وفي مقدمتها تعديل قانون السرية المصرفية وإصلاح قطاع المصارف، وهما مطلبان أساسيان للسير قدماً في خطة الإصلاح. في هذا السياق، قامت وزارة المالية بإعداد اقتراحات لتعديل القوانين المتعلقة بهما، وقد تم إرسال هذه الاقتراحات إلى مجلس الوزراء للاطلاع عليها ومناقشتها.
ويعمل فريق وزير المال حالياً على تنفيذ متطلبات صندوق النقد الدولي، حيث تم تحضير تعديلات على القوانين المالية والنقدية بالتعاون مع لجنة التفاوض اللبنانية مع صندوق النقد. هذه التعديلات تهدف إلى تهيئة الأرضية لإقرارها في مجلس الوزراء، وتعدّ جزءاً من الشروط التي وضعها صندوق النقد الدولي لتوقيع اتفاقية الإنقاذ مع لبنان.
وأفادت مصادر وزارة المالية لموقع “نداء الوطن” بأن هناك نقطتين أساسيتين تم العمل عليهما بسرعة. الأولى تتعلق بقانون السرية المصرفية، أما الثانية فهي تتعلق بإصلاح وضع المصارف في لبنان، إذ يرى صندوق النقد الدولي أنه يجب إلغاء “قانون إصلاح القطاع المصرفي” الذي أقرّ في عام 1991، حيث يعتبره الصندوق غير كافٍ. إذ يطالب الصندوق بإنشاء هيئة مختصة بإصلاح وضع المصارف، أو ما يعرف بـ”resolution” بدلًا من “recovery”. وأوضحت المصادر أن دور لجنة الرقابة على المصارف في لبنان يقتصر على الرقابة وإعداد التقارير، لكنه لا يشمل اتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المصارف المخالفة، وهو ما يراه صندوق النقد الدولي خللاً يجب معالجته.
وبناءً على ذلك، تم بالفعل صياغة اقتراح لتعديل قانون السرية المصرفية، والذي أرسل إلى مجلس الوزراء، مع مراعاة نقطتين أساسيتين:
- أن قانون السرية المصرفية الصادر عام 1956 لم يعد قادراً على جذب الإيداعات المصرفية كما كان عليه الحال عند إقراره.
- ضرورة ضمان الاستقرار التشريعي للمودعين الذين قاموا بإيداع أموالهم وفتح حسابات مصرفية تحت غطاء هذا القانون.
وتم تعديل القانون بحيث يُسمح للجنة الرقابة ومصرف لبنان بالاطلاع على الحسابات المصرفية الجديدة التي يتم فتحها بعد صدور التعديل. كما تم منحهم صلاحية رفع السرية المصرفية عن الحسابات القديمة أثناء عملية إعادة هيكلة المصارف، وذلك بهدف تطبيق مندرجات قانون إعادة الهيكلة فقط، وليس بغرض التحقيق في القضايا المالية الأخرى.
إضافةً إلى ذلك، تم إرسال اقتراح آخر إلى مجلس الوزراء لتعديل قانون النقد والتسليف، فيما يتم العمل حالياً على إدخال تعديلات على قانون إعادة إصلاح المصارف. وفي هذا الصدد، تم اقتراح أن تتولى اللجنة المصرفية العليا مهمة إصلاح المصارف، مع تجنب إنشاء هيئات جديدة، وتعزيز دور هذه الهيئة عبر تغيير أعضائها.
أما بالنسبة لقانون تغطية الفجوة المالية، الذي تمت مناقشته بين لجنة التفاوض وصندوق النقد الدولي، فأوضحت المصادر أنه لم يتم صياغته بعد. واعتبرت المصادر أن الأولوية تكمن في إقرار التعديلات المتعلقة بقوانين السرية المصرفية والنقد والتسليف وإصلاح المصارف، لأنها ستمكن لبنان من إرضاء وفد صندوق النقد الدولي. وأعرب الفريق العامل في وزارة المالية عن قلقه من ربط صدور جميع القوانين ببعضها البعض، الأمر الذي قد يؤدي إلى تأخير الإصلاحات، لا سيما أن قانون الفجوة المالية قد يستغرق وقتاً طويلاً على غرار القوانين الأخرى.
وأشارت المصادر إلى أن قانون إصلاح المصارف يتضمن بنداً ينص على منح المصارف إيداعاتها لدى مصرف لبنان بالقيمة الدفترية إلى حين صدور قانون الفجوة المالية أو إعادة التوازن. واعتبرت أن شطب هذه الإيداعات قد يؤدي إلى إفلاس المصارف جميعها، وهو ما سيضرّ بالاقتصاد الوطني ويؤدي إلى فقدان أموال المودعين، وهو أمر غير مقبول بأي حال من الأحوال.
المصدر:رنا سعرتي – نداء الوطن