
بقلم جنى دبليز – خاص ديموقراطيا نيوز
معرض الأيادي الصغيرة، محطة سنوية تفيض عذوبة، تروي المدينة بآمال متجددة. فهو يحتضن الأجيال الصاعدة ويدعمها، ساعيًا إلى إنماء مواهبها وتمكين ذواتها، وذلك عبر توفير مساحة آمنة تفسح المجال لنضجها الفكري والشخصي. من هنا تنبع حيوية هذا المعرض، فالاستثمار بأبنائه هو السبيل الذي يستعيد به الشمال ألقه، ويخطو عبرهم بثبات نحو مجتمع مستدام ومنتج.
في حوار خاص مع “ديموقراطيا نيوز”، ألقت السيدة سارة سكري الضوء على تفاصيل معرض الأيادي الصغيرة الفريد، مبينة أن تنظيمه جاء كثمرة تعاون ثنائي جمع بين جريدة “عيون الناس” التي ترأسها سكري، وجمعية لافندر غيت، ممثلة برئيستها منى الأسمر، وذلك بتنسيق وثيق مع اللجنة الاجتماعية لنقابة المهندسين بقيادة النقيب شوقي فتفت.
أشارت سكري إلى أن النسخة الماضية لاقت استحسانًا واسعًا وتركت أصداءً طيبة، مما ضاعف من مسؤوليتهم كمنظمين في مواجهة التحديات، مؤكدة أن جل ما يسعون إليه هو رؤية الفرحة التي أشرقت على وجوه الأطفال. وفي سياق الحديث عن التحديات اللوجستية والتنظيمية، أوضحت سكري قائلة: “كان حرصنا الأكبر منصبًا على تحقيق عدالة التوزيع المكاني للمشاركين الذين يقدمون الحرفة نفسها، فبدلًا من تجميعهم في بقعة واحدة، سعينا لتفريقهم بحكمة في أرجاء المعرض، وكان هدفنا النبيل هو صيانة بريق كل موهبة على حدة من الخفوت نتيجة التكرار.” واستفاضت سكري قائلة: “لقد شهدنا إقبالًا غامرًا من المشاركين، الذين استلهموا من نجاح النسخة السابقة حافزًا قويًا، فانتشرت عدوى الإبداع والإيجابية حتى دفعت ببعض الأطفال إلى التعبير عن شغفهم بالتسجيل للمشاركة.” إلا أنها أشارت إلى حرصهم على عدم تجاوز سقف الأربعين مشتركًا، وذلك لضمان عدم تشتيت جهودهم وسط هذا العدد الكبير، وتوفير مساحة آمنة لهم، خاصة مع عدم إضافة ضغط مواجهة جمهور غفير.
تطرقت سكري إلى الأبعاد الإنسانية الكامنة وراء هذا المعرض قائلة: “أود التنويه بأننا لا نسلط الضوء على أطفال الحرفيين فحسب، إنما نركز أيضًا على الجوهر الإنساني للعمل التطوعي وغرس بذرة هذا العطاء في نفوس المراهقين الغارقين في خضم العالم الافتراضي. فلقد كان حضورهم والتزامهم رافدًا جوهريًا لهذا المعرض، حيث أحاطوا بالمشتركين وقدموا لهم الدعم المعنوي، وكانوا على أهبة الاستعداد للتدخل عند الضرورة.”
كما أوضحت التفاني في سبيل تنمية قدرات الأطفال، موضحة: “يسبق انطلاق المعرض سلسلة من التحضيرات المكثفة، تتضمن ورش عمل متخصصة للمشاركين، هدفها الأساسي إعدادهم الأمثل للتفاعل مع الزوار وإدارة شؤونهم المالية بثقة.”
ولم تغفل سكري أهمية التعاون مع جهات أخرى، حيث استوقفت الحديث لتنوه قائلة: “لا يسعنا إلا أن نشيد بالجمعيات التي ترعى أصحاب الهمم، والذين تعرفنا من خلالهم على كنوز من المواهب الطفولية التي تقدم أروع الإبداعات.” وأضافت بحماس: “بالنسبة لنا، الأطفال المشاركون هم مصدر إلهام وجرعة قيمة من الأمل يضفونها على هذا المعرض.”
تخلل معرض الأيادي الصغيرة، الذي أقيم في قاعة المؤتمرات داخل نقابة المهندسين يومي 4 و 5 نيسان، فعاليات ثقافية متنوعة ومبهجة للأطفال ذوي الهمم وغيرهم، بالإضافة إلى تكريم الشخصيات والجهات الداعمة. وعلى خشبة مسرح “الأيادي الصغيرة”، أُعلن عن انطلاقة “كورال الفيحاء جونيور” في أول ظهور له، حيث قدم عرضًا فنيًا مذهلًا بقيادة المايسترو القدير باركيف تسلاكيان، وتحت إشراف الأستاذين المبدعين بلال عبد الفتاح وأسامة شرف الدين.
وقد تجلى التنوع والثراء في المعرض من خلال تشكيلة واسعة من المنتجات المعروضة، بدءًا من الحرف اليدوية الدقيقة كالكروشيه والتطريز، مرورًا بإبداعات صنع الشمع والإكسسوارات النسائية الأنيقة، وصولًا إلى التقنيات الحديثة كالطباعة ثلاثية الأبعاد، ولم يغب عن المشهد سحر الحلويات بأنواعها وفنون الرسم التي زينت اللوحات والمنتجات المختلفة كالمنسوجات والزجاج.


