
“سننتخب ولو على التراب”… بهذه العبارة حسم رئيس مجلس النواب نبيه بري موقف الجنوب من الانتخابات البلدية المقبلة، مؤكداً أنّ الجنوبيين سيكونون في قلب هذا الاستحقاق، رغم الخراب الكبير الذي خلّفته الحرب في القرى الحدودية، والتي مُحيت معالم بعضها تماماً بفعل التفجيرات والتفخيخات.
الجنوب سيخوض الانتخابات أسوة بباقي المناطق اللبنانية، خصوصاً أنّ للبلديات دوراً محورياً في ورشة إعادة الإعمار المنتظرة، ما لم يطرأ تطور أمني يعيد إشعال جبهة الجنوب ويصعّد الغارات والاستهدافات.
وفي وقت سقط خيار إنشاء “الميغاسنتر” – الذي يتيح للناخبين الاقتراع من أماكن سكنهم – بسبب ضيق الوقت واستبعاد انعقاد جلسة تشريعية لتعديل قانون الانتخاب، بدأت وزارة الداخلية فعلياً التحضيرات، من خلال دعوة الهيئات الناخبة وفتح باب الترشّح في محافظة جبل لبنان كخطوة أولى.
الكاتب السياسي قاسم قصير أوضح في حديثه لموقع mtv أنّ مراكز الاقتراع في الجنوب ستكون داخل القرى أو على مقربة منها، في حال بقي الوضع الأمني تحت السيطرة.
ورغم الدمار، لم يغب الأهالي عن قراهم في الفترة الماضية، بل انتشرت صور موائد الإفطار بين الركام، في رسالة واضحة للتمسّك بالأرض والصمود، حتى إن تحوّلت مناطقهم إلى أماكن غير صالحة للسكن.
من جهته، يخوض “الثنائي الشيعي” – حزب الله وحركة أمل – الاستحقاق يداً بيد، بعدما تم الاتفاق بين الطرفين على تشكيل لوائح موحّدة في مختلف المناطق، وفق آلية تم التفاهم عليها مسبقاً.
وتتوزع مراكز الثقل البلدي بين الحزب والحركة بحسب المناطق: ففي مدينة النبطية يبرز الحضور الأقوى لحزب الله، بينما تشكل مدينة صور قلعة أساسية لحركة أمل. المشهد ذاته يتكرّر في البقاع، مع تفوّق للحزب في بعلبك، مقابل نفوذ أكبر للحركة في البقاع الغربي. أما في الضاحية الجنوبية، فتتوزع السيطرة في بلديتي برج البراجنة (بتوازن بين الطرفين) والغبيري (ذات الغلبة للحزب).
وعلى صعيد العاصمة بيروت، حيث المناصفة تبقى الهاجس الأبرز، أشار قصير إلى أنّ “الثنائي” يُجري مشاورات مكثفة للتنسيق مع القوى الأخرى حول شكل المعركة وطبيعة التحالفات.
بالنسبة لـ”الثنائي”، هذه الانتخابات ليست مجرّد استحقاق إداري، بل بمثابة استفتاء شعبي يأتي في لحظة سياسية مفصلية، خاصة بالنسبة لحزب الله، الذي يسعى لقياس مدى تماسك بيئته الحاضنة بعد تداعيات الحرب الأخيرة.
الانتخابات ستجري فوق أنقاض القرى، بينما لا تزال عملية إعادة الإعمار مؤجّلة، على عكس ما حدث عام 2006 حين انطلقت سريعاً بعد وقف إطلاق النار. هذا التفاوت سيكون له أثر واضح على مزاج الناخبين واختياراتهم في الصناديق.
خاض حزب الله انتخابات 2022 بشعار “باقون نحمي ونبني”، وهو شعار تعرّض لضربات قوية في الشقّين الأمني والإنمائي. لذلك، تأتي صناديق 2025 محمّلة برسائل كثيرة، في انتظار أن يُسمع الصوت الآخر – إذا قرر أن يعلو هذه المرة.
يُذكر أن محافظتَي لبنان الجنوبي والنبطية ستكونان آخر من يقترع في هذا الاستحقاق، وذلك في 25 أيار 2025.
المصدر:نادر حجاز – خاص موقع Mtv