
عاد ملف انفجار مرفأ بيروت إلى دائرة الضوء من جديد، وسط مؤشرات إلى تحرّك دولي متجدّد ومتابعة دقيقة لمجريات التحقيق الذي يقوده القاضي طارق البيطار. وفي هذا السياق، كشف مصدر قضائي مطّلع لصحيفة “الشرق الأوسط” عن زيارة مرتقبة لوفد قضائي فرنسي إلى بيروت في الأسبوع الأخير من نيسان الجاري، لعقد لقاء مع البيطار وتبادل المعطيات بشأن التحقيقات الجارية في الملف.
وبحسب المصدر، يضم الوفد قاضيين من دائرة التحقيق في باريس، وسيحضران إلى بيروت حاملين تقريراً مفصلاً عن نتائج التحقيق الفرنسي، الذي بدأ عقب الانفجار مباشرة في 4 آب 2020، على خلفية مقتل ثلاثة فرنسيين وإصابة عدد من مواطنيهم، إلى جانب الأضرار المادية التي لحقت بممتلكات فرنسيين مقيمين في لبنان.
وكان التواصل بين السلطات القضائية اللبنانية والفرنسية قد انقطع إثر تعليق البيطار تحقيقاته بسبب دعاوى الرد والمخاصمة التي قدّمها سياسيون وأمنيون مدعى عليهم في القضية. وسبق أن زار وفد قضائي فرنسي بيروت مطلع عام 2023 والتقى البيطار، الذي اعتذر حينها عن تزويدهم بأي مستندات نتيجة تجميد صلاحياته القضائية آنذاك.
تعاون قضائي لا يُلزم الطرفين
المصدر القضائي نفسه أشار إلى أن القاضيين الفرنسيين سيسلمان البيطار تقريراً شاملاً بنتائج التحقيق، إضافة إلى تقارير فنية أعدها خبراء فرنسيون في مجالي الأمن والأدلة الجنائية، استناداً إلى معاينة ميدانية لموقع الانفجار وجمع عينات من مكان الحادث. ورغم تنسيق الجانبين، فإن التحقيق الفرنسي سيبقى منفصلاً عن اللبناني، ولن يكون أي قرار اتهامي ملزماً للطرف الآخر. القضاء الفرنسي سيلاحق المسؤولين عن الانفجار وفقاً لما يتوافر لديه من أدلة، سواء كانت تتعلق بالإهمال أو التورّط في شحن مادة نيترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت وتخزينها داخله لسنوات.
وبحسب المصدر، فإن الجانب الفرنسي يأخذ في الاعتبار التحقيق اللبناني، كونه الأشمل من حيث عدد المدعى عليهم والشهود والتقارير الفنية التي شاركت فيها جهات لبنانية وأجنبية، بما فيها تقرير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (FBI) الذي تسلّمه القاضي السابق فادي صوان بعد نحو شهرين من الانفجار.
اهتمام دولي متواصل
التحقيق اللبناني لا يزال محل متابعة من عدد من الدول المتضرّرة. فقد تلقّى لبنان مؤخراً مراجعات من ألمانيا وهولندا وأستراليا، للاستفسار عن آخر مستجدات التحقيق والتوقيت المحتمل لإصدار القرار الاتهامي. ويرى المصدر القضائي أن التعاون الفرنسي قد يوسّع إطار التحقيق، وربما يستدعي سفر القاضي البيطار إلى الخارج، وهو أمر يتطلب رفع منع السفر الصادر بحقه من قبل النائب العام التمييزي السابق القاضي غسان عويدات. إلا أن البيطار، وفق المصدر، لن يتقدّم بطلب رفع المنع، ما لم تبادر النيابة العامة التمييزية إلى ذلك من تلقاء نفسها.
استجواب مرتقب للواءين إبراهيم وصليبا
ميدانياً، يعقد القاضي البيطار جلسة تحقيق يوم الجمعة المقبل لاستجواب المدير العام السابق للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، الذي تبلّغ الموعد عبر النيابة العامة التمييزية. كذلك، من المقرّر استجواب المدير العام السابق لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، الذي أُبلغ بمذكرة الاستدعاء عبر زوجته نظراً لوجوده خارج البلاد.
ومن المنتظر أن يلي هذه الجلسة تحديد مواعيد جديدة لاستجواب بقية المدعى عليهم، من سياسيين وقضاة، في إطار استكمال المرحلة النهائية من التحقيق. وتشير التقديرات إلى أن هذه الجلسات قد تمتد على مدى شهر، لتُختتم بإصدار القرار الاتهامي المنتظر، بعد خمس سنوات على الانفجار الذي خلّف واحدة من أفظع الكوارث في تاريخ لبنان الحديث.
المصدر : يوسف دياب – الشرق الأوسط