اللائحة المقفلة تحضر في انتخابات بيروت

لا تعكس الأجواء الحالية في شوارع بيروت، بشطريها الشرقي والغربي، أي حماسة تجاه انتخابات المجلس البلدي للعاصمة، حيث ما يزال عدد المرشحين محدودًا، وتغيب اللقاءات والتحركات الانتخابية المعتادة في مثل هذه المناسبات.

وفي مقابل هذا الفتور، تشدد القوى السياسية على أهمية الحفاظ على خصوصية بيروت من خلال ضمان المناصفة بين المسلمين والمسيحيين داخل المجلس البلدي المؤلف من 24 عضوًا، وذلك تفاديًا لاختلال التوازن الطائفي، في ظل تفوّق الصوت السنّي على نظيره المسيحي في المدينة.

ورغم تحديد وزارة الداخلية 18 أيار موعدًا نهائيًا للانتخابات، لا تزال نسبة الترشح متدنية مقارنة بالاستحقاقات السابقة. ويُعزى ذلك إلى عاملين أساسيين: أولهما مطالبة معظم القوى السياسية بتعديل قانون الانتخاب البلدي لاعتماد “اللائحة المقفلة”، التي تلزم الناخبين بالتصويت للائحة كاملة منعًا للإخلال بالمناصفة؛ أما الثاني فهو تريّث القوى في إعلان تحالفاتها بانتظار القرار النهائي لتيار “المستقبل”، الذي يُعدّ لاعبًا أساسيًا في معادلة بيروت الانتخابية.

وبحسب معلومات متداولة، فإن “المستقبل” بصدد حسم موقفه في الأيام القليلة المقبلة، ما سيُمهّد لتبلور التحالفات السياسية. وتؤكد مصادر سياسية أن الحفاظ على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين يشكّل هاجسًا مشتركًا لدى الرؤساء الثلاثة: الجمهورية العماد جوزاف عون، والمجلس النيابي نبيه بري، والحكومة نواف سلام. وتضيف أن خيار “اللائحة المقفلة” يلقى أفضلية واضحة، لأنه يمنع اختلال التوازن الطائفي الذي قد يدفع الأعضاء المسيحيين إلى الاستقالة من المجلس.

وقد طُرحت بدائل لضمان المناصفة، منها تقليص عدد الأعضاء المنتخبين وتعيين النسبة المتبقية، أو اعتماد نتائج التصويت لتعيين أول 12 فائزاً من كل طائفة تلقائيًا. لكن هذه الاقتراحات وُوجهت برفض واسع لأنها تتعارض مع مبادئ الديمقراطية، رغم أن الأمر نفسه ينطبق جزئيًا على “اللائحة المقفلة”. ومع ذلك، ترى بعض الجهات السياسية أن الضرورات الوطنية تفرض تجاوز الأصول التقليدية أحيانًا لحماية العيش المشترك.

وتشير المصادر إلى أن الرئيس نبيه بري يبقى مفتاح تعديل القانون، وهو مستعد للدعوة إلى جلسة تشريعية تتضمن بندًا خاصًا باعتماد “اللائحة المقفلة”، بشرط التوافق المسبق بين نواب بيروت. وتعتبر أن الحل الأمثل يتمثل في تشكيل لائحة موحدة تضم مختلف القوى السياسية والعائلات البيروتية الكبرى، بما يضمن التوازن ويحول دون تكرار أزمات التمثيل.

وتكشف المناقشات الجارية أن هذا التعديل قد لا يُطبّق فقط في بيروت، إذ طُرحت فكرة تعميمه على مراكز المحافظات الأخرى تجنبًا للطعن أمام المجلس الدستوري، خصوصًا أن تجربة طرابلس أظهرت غيابًا تامًا للتمثيل المسيحي والعلوي في المجلس البلدي المنتخب.

في المقابل، قد تثير فكرة “اللائحة المقفلة” تحفظات لدى بعض المسيحيين في الشطر الغربي من بيروت، الذين يخشون أن يُصار إلى حصر تمثيلهم في الشطر الشرقي فقط، رغم أنهم ممثَّلون في البرلمان عن بيروت الغربية.

في المحصلة، يبدو أن المسار السياسي يتجه نحو إقرار صيغة “اللائحة المقفلة” في انتخابات بيروت، استجابة لرغبة القوى الفاعلة في العاصمة، وقد يؤدي ذلك إلى تأجيل محدود للانتخابات، لا يتجاوز بضعة أسابيع، إذا اقتضت الضرورة
المصدر:محمد شقير – الشرق الأوسط

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: