“الثنائي” يكّرس غلبته: عدم التمديد لقائد الجيش مثالاً

المصدر: دنيز عطالله – المدن

يعكس مسار التمديد لقائد الجيش جوزاف عون ما هو أبعد من منصب. هي صورة التوازنات في البلد التي يتكرس انكسارها لصالح غلبة “الثنائي الشيعي” وقد بدأت منذ اتفاق الطائف، وتعززت زمن الوصاية السورية على البلد، وتواصل تثبيت غلبتها وترجيح كفة مكاسبها.

ليس تفصيلاً أن تتفوق إرادة “الثنائي” على رأي ورغبة قوى وأحزاب مسيحية وازنة، على رأسها بكركي، إضافة إلى أكثرية سنيّة وأخرى درزية، معطوفاً عليها رأي اللجنة الخماسية وخلفها المجتمع الدولي، تحديداً فرنسا والولايات المتحدة.

هؤلاء جميعاً مع التمديد لقائد الجيش إلا أنهم، جميعاً أيضاً، أعجز من أن يحققوا رغبتهم. يفرض “الثنائي” قراره وكلمته على إيقاع مصالحه وتقاطع حساباته. يوزّع الأدوار بين “حركة أمل” ورئيسها، رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وبين “حزب الله” و”فائض قوته”.

يسهم هذا المشهد في تعميق الانقسامات والتعطيل المتواصل للسياسة في البلد. وهنا جوهر الأزمة.

استهداف الموارنة؟
التمديد لقائد الجيش ما كان، مبدئياً، ليُطرح لو أن في البلد حياة سياسية وانتظام لعمل الدولة والمؤسسات. وهذا أكثر ما “يزعج” بكركي، في ألطف تعبير. “فمنذ عام 2019 والبلد يتحلل أمام أعين الجميع، وعوض أن يتكاتف المسؤولون ويلتزموا خطة واضحة للنهوض بالبلد، نجد المناكفات تتواصل والخلافات تستعر على كل تفصيل”، يقول أحد الأساقفة الموارنة. يضيف، “يبدو أن هناك سياسة متعمّدة لإلهاء الناس بصراعات صغيرة وخلافات تفصيلية، في حين أن مسارات البلد في مكان آخر بعيد تماماً عن المتداول”.
ويقول الأسقف “في بلد التوازنات السياسية والطائفية والمناطقية، لا يمكننا إلا أن نتوقف عند المغزى والهدف من استهداف المواقع المارونية”.
باستيضاحه، يصر الأسقف على كلمة استهداف، ويؤكد أن هذا رأي الكنيسة المارونية بطريركاً وأساقفة. إذ “كيف نفسّر الفراغ في رئاسة الجمهورية ثم في حاكمية مصرف لبنان واستسهال الفراغ في قيادة الجيش، أو تعيين قائد جيش بغياب رئيس للجمهورية؟ أليس هذا استهدافاً واضحاً؟”.

وعن الهدف برأيه من خلف هذا “الاستهداف”، يجيب “أتحفظ عن الإجابة، لأن أفضل التقديرات شديد السوداوية”.

رد التحية لبكركي
في الأروقة الخلفية للكنيسة يدور همس حول “الثنائي الشيعي” و”كسر إرادة بكركي في شأن تعتبر نفسها معنيّة مباشرة فيه”. يسأل بعضهم “هل هكذا تُرد التحية للبطريرك الذي أبدى كل احتضان وسعي للمشاركة في قمة روحية في المجلس الإسلامي الشيعي؟ هل هكذا يبادل بعد زيارته صور وتضامنه مع كل أبناء الجنوب وغزّة وتمسكه بالعيش المشترك؟”. 
ويعتبر هؤلاء أن “التناغم والتنسيق بين برّي ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، لا يثبت فقط ما يرّوج عن إمساك الثنائي بالقرار الحكومي، إنما يعكس استخفافاً بالموقف المسيحي وتذاكياً مكشوفاً على الرأي العام من ميقاتي نفسه”.

قيادة الجيش لا الرئاسة
لكن لماذا تحميل الثنائي الشيعي المسؤولية في حين يجاهر “التيار الوطني الحر” ورئيسه جبران باسيل، ووزير الدفاع المحسوب عليه، برفضهم التمديد لقائد الجيش؟

يجيب الأسقف الماروني: “نحن لا نبرئ احداً. ليتحمل الجميع مسؤولياتهم. مطلبنا واضح. أولوياتنا انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وبعدها تعيين قائد جيش. إذا تعذّر ذلك راهناً، فلا بد من التمديد لقائد الجيش في منصبه. نحن لا نرشحه لرئاسة الجمهورية. نحن نريد الحفاظ على هذه المؤسسة وتعزيزها خصوصاً في هذه الظروف الصعبة. نريد مصلحة البلد، لا مصلحة طائفة وفئة. وفي مطالبتنا الحفاظ على المواقع المسيحية واحترامها، دعوة إلى الحفاظ على هوية البلد ومراعاة خصوصياته، فكيف إذا كانت هذه المؤسسة هي الجيش اللبناني، آخر حصون الأمن في لبنان؟”.

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top