صرخة المعلمين: حقوقنا قبل أن يجفّ العرق!

لم يتمكن العهد الرئاسي الجديد من التقاط أنفاسه بعد، وسط ظروف استثنائية يمرّ بها لبنان، بدأت بالحرب الإسرائيلية وتواصلت مع الأزمات الاقتصادية والمعيشية، وصولاً إلى موجة من الاعتصامات والتحركات المطلبية. فبعد الاعتراضات على قانون الإيجارات للأماكن غير السكنية، يستمر معلمو المدارس الرسمية في إضرابهم المفتوح، مطالبين بتصحيح أجورهم ودفع مستحقاتهم المتأخرة.

وفي ظل أجواء الأعياد المسيحية التي كان اللبنانيون يأملون أن تحمل انفراجاً ما، التزم أساتذة المدارس الرسمية في صيدا بالإضراب الذي دعت إليه روابط التعليم الرسمي، معتبرين أن استمرارهم في العمل بات مستحيلاً في ظل تأخر الدولة عن دفع حقوقهم المالية.

لكن، ورغم الإضراب، قررت الهيئة التعليمية في المدرسة النموذجية الرسمية في صيدا الاستمرار في التدريس، حفاظاً على مصلحة الطلاب وخوفاً من ضياع العام الدراسي، مع اقتراب نهايته. وفي الوقت نفسه، عبّر الأساتذة عن تضامنهم مع باقي زملائهم، فنظموا اعتصاماً سلمياً أمام مدخل المدرسة تحت شعار: “لسنا هواة إضراب، بل أصحاب حقوق”.

ورُفعت خلال الاعتصام لافتات عبّرت عن معاناتهم، منها: “ما بدنا وعود، بدنا حقوق”، و”سينتهي العام الدراسي… أين الحقوق؟”، و”أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه”. ولفت المعتصمون إلى أن المرسوم الحكومي الصادر لمعالجة وضعهم لا يزال حبراً على ورق، ما يزيد من صعوبة ظروفهم المعيشية في ظل الانهيار الاقتصادي.

مدير المدرسة، الأستاذ حذيفة الملاح، وصف التحرك بأنه صرخة وجع وألم من معلمين أرهقهم الإهمال، وقال: “لا يجوز أن يُجبر من يربّي الأجيال على النزول إلى الشارع طلباً لحقوقه. كرامة المعلم يجب أن تصان كما هي مسؤوليته في بناء المجتمع”. وشدد على أن المعلمين ليسوا دعاة تعطيل، لكنهم مضطرون إلى الإضراب في ظل التجاهل المزمن لمطالبهم.

وأضاف: “طلابنا أمانة في أعناقنا، ولسنا مستعدين لتحويلهم إلى رهائن. سنواصل تحركاتنا لأجلهم ولأجل كرامتنا”، وتابع: “يجب ألّا تتحول مقولة ‘قم للمعلم وفّه التبجيلا’ إلى ‘كاد المعلم أن يكون مقتولاً’”.

وعرض الملاح أبرز المطالب، ومنها: رفع أجر الساعة للمتعاقدين الذي ما زال عند 150 ألف ليرة، وتحسين رواتب المعلمين في الملاك التي لا تتجاوز 200 إلى 300 دولار شهرياً، وهو ما لا يكفي لتغطية الحد الأدنى من متطلبات الحياة. كما شدد على ضرورة شمول كل العاملين في القطاع التربوي، من متعاقدين ومستعان بهم، إلى عمال الخدمة والحراس واختصاصيي المكننة، في أي خطة إنقاذية.

من جهتها، أكدت المعلمة سوزان أبو عون أن اعتصامهم هو صرخة حقيقية من أجل العدالة، قائلة: “كيف يمكننا الاستمرار بأجر زهيد وسط ارتفاع الأسعار الجنوني؟”. أما إحدى زميلاتها، فدعت وزارة التربية إلى الإسراع في صرف المستحقات، محذّرة من أن كرامة المعلم المهنية والإنسانية لم تعد تحتمل المزيد من الإهمال
المصدر:محمد دهشة – نداء الوطن

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: