بلديات 2025 .. البقاع الغربي غياب الأحزاب!!

بقلم خالد صالح

رغم كلّ ما أشيع حتى الآن، يبدو أن الانتخابات البلدية والاختيارية واقعة لامحالة في موعدها المعلن، وسط إصرار من “كبار القوم” على هذا الاستحقاق، لهذا تتكثف التحضيرات في مختلف المناطق اللبنانية نظرًا لأهميتة الكبرى بعد الترهل الذي ضرب السلطات المحلية إثر “التأجيلات” المتلاحقة، عدا عن حل الكثير من المجالس البلدية ..
تشهد منطقة البقاع عمومًا ترقّبًا حذرًا وتفاؤلًا متصاعدًا مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية، هذه الاستحقاقات الدورية، وإن بدت روتينية في ظاهرها، تحمل في طيّاتها آمالًا عريضة وطموحات جمّة لدى الأهالي، الذين يتطلّعون إلى غدٍ أفضل لقراهم وبلداتهم، وفي خضمّ التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها لبنان عمومًا، تكتسب هذه الانتخابات في البقاع أهمية مضاعفة، إذ يُعلّق عليها سكّان المنطقة آمالًا في تحقيق تغيير حقيقي وملموس على صعيد حياتهم اليومية.
كثيرون يعتبرون هذا الاستحقاق من المنظور السياسي اختبارًا مهمًا للأحزاب التقليدية التي بدأت رحلة التأسيس لـ “أم المعارك” الانتخابات النيابية العام المقبل، إذ بدأت بعملية حسابية دقيقة ومعقّدة للاستحقاق البلدي ومدى تأثيراته لاحقًا على الاستحقاق النيابي، وتقف على “حد الشفرة” بين المشاركة المباشرة فيه ترشيحًا وتأييدا، أو الوقوف على مسافة واحدة من العائلات التي تطبع الاستحقاق بطابعها منذ أن نشأت الادارة المحلية .
لهذا تحاول الأحزاب ذات الثقل الانتخابي قراءة المشهد العام بتأنٍ وهدوء تامين، وأن تقرأ التوجّهات العائلية بدقة وتحاول مقاربة الأمور على قاعدة “لايموت الديب ولا يفنى الغنم”، لأن مصلحتها القصوى تكمن في عدم تقديم عائلة على حساب أخرى وألا تكون طرفًا في المعادلات البلدية خوفًا من انعكاس هذا الأمر لاحقًا على مقاربتها للاستحقاق المقبل .
حماوة عائلية وبرودة أحزاب
البقاع الغربي من المناطق الباردة حزبيًا المشتعلة عائليًا، لذلك فإن حركة الأحزاب تقتصر على المراقبة من بعيد من دون التدخل بشكل مباشر، ونأت القواعد الحزبية عن التعاطي بشكل واضح في هذا الاستحقاق، رغم أن مقاربات البعض منهم تكون محلية – عائلية بحتة، حتى الرموز السياسية المعروفة تبدي حرصها الشديد كي لا تظهر بموقف “الطرف”، لأن تداعيات هذا الأمر ستكون وبالًا لا يمكن يمكن الخروج منه لاحقًا .
تراقب الأحزاب انطلاقة الماكينات الانتخابية لهذه العائلات وتحالفاتها، وتجمع ما أمكنها من معلومات عنها لتأطيرها لاحقًا في رسم خارطة تحركاتها استعدادًا للمنازلة الكبرى في أيار 2026، لكنها تُسجّل غيابًا ملحوظًا من الجميع عن المشهد السياسي لتحالفات العائلات، وتحاول “تمرير” رسائل معينة من بعيد بأن هذا الاستحقاق إنمائي تنموي وأن قرار انشاء مجالس بلدية جديدة يعود للأهالي وحدهم، وأنها تقف على مسافة واحدة من الجميع .
الأوساط الحزبية تؤكد فقط أن إجراء الانتخابات ضروري ومهم للمرحلة المقبلة، لما تمثله من نهضة تنموية مطلوبة اليوم، خصوصًا بعد جملة الأحداث التي عاشها لبنان عمومًا والبقاع الغربي على وجه الخصوص وليس آخرها الحرب الإسرائيلية المعادية، وأن القرى والبلدات البقاعية تحتاج إلى دماء جديدة تواكب إعادة الاعمار، لذلك تُشدد في هذه الرسائل على أن تختار العائلات الأكفأ ومن يحمل مشروعًا للنهوض بالقرى كي تتسلّم البلديات المسؤولية في واحدة من أخطر المراحل التي مرّت على لبنان .
تحالفات وانقسامات
المشهد في البقاع الغربي وخصوصًا في القرى ذات الغالبية السنية متروكٌ للعائلات مسألة رسم خارطته وتفاصيله من دون أي تحرك حزبي، هذا الأمر جعل الانقسامات تطاول العائلة الواحدة إلا فيما ندر، ولأن الانتخابات هي “تراكمية عددية” فالشارع المحلي منقسم على نفسه ولا إملاءات سياسية – حزبية واضحة حتى اللحظة، وهذا الأمر جعل التقارب العائلي يطغى على التقارب الحزبي، فقد تجد في اللوائح تحالفات الأضداد السياسية وقد تجد أيضًا الانتماء السياسي والحزبي الواحد موزع على أكثر من لائحة .
لكن اللافت حتى اللحظة غياب أي مشروع “توافقي” في البلدات البقاعية عدا تلك التي تخضع لسيطرة الثنائي الشيعي الذي يسعى جاهدًا لبلورة مجالس بلدية بـ “التزكية” لتجنيب هذا القرى مخاض معارك انتخابية، لكنه يصطدم دائمًا بالهوى العائلي، فيحاول تدوير الزوايا فيها للخروج بصورة جامعة وموحدة، فإن حصل التوافق العائلي بعيدا عن المؤثرات العائلية كان به وإن لم يحصل فيترك الأمر للعائلات كي تحدد مصيرها، لذلك فإن الحراك السياسي الحزبي في منطقة البقاع الغربي يغيب عن تفاصيل الانتخابات البلدية، والكلمة الفصل هي لواقع كل قرية وبلدة ولتحالفات العائلات فيها .

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: