
يتصاعد القلق السياسي في لبنان من تداعيات تهديد المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في المجلس البلدي لمدينة بيروت، وسط مخاوف من أن يمتد هذا التوتر إلى مدينة طرابلس، حيث يُخشى تكرار تجربة استبعاد العلويين والمسيحيين من مجلسها البلدي، في ظل غياب قرار حاسم من رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي ونواب المدينة لدعم تمثيل متوازن يراعي التعدد الطائفي.
ويشير مصدر سياسي في بيروت لصحيفة “الشرق الأوسط” إلى أن الحفاظ على المناصفة لا يمكن أن يكون مجرّد نص قانوني، بل يجب أن يكون التزامًا سياسيًا وأخلاقيًا. ويؤكد أن تجاهل تعديل قانون الانتخابات البلدية يزيد من حدة المخاوف، لا سيما في العاصمة، محذرًا من تحوّل الانتخابات إلى معركة استقطاب سياسية تمهيدًا للانتخابات النيابية في 2026.
تحييد الانتخابات البلدية عن الحسابات النيابية
يرى المصدر نفسه أن من الضروري تحييد الانتخابات البلدية عن الصراع النيابي، لا سيما في بيروت وطرابلس، حيث يشكل غياب التمثيل المتوازن خطرًا على الاستقرار المحلي. وفي الميناء، على سبيل المثال، يتوزع مجلسها البلدي على 15 عضوًا سنّيًا و6 مسيحيين، ومع ذلك يُخشى تغييب المسيحيين والعلويين مجددًا عن المشهد.
وحذّر المصدر من محاولات بعض الجهات السياسية استغلال ماضي بعض الطوائف، وتحديدًا الطائفة العلوية، لتبرير استبعادها، رغم سقوط نظام الأسد الذي كان يدعمها. واعتبر أن الفرصة سانحة حاليًا لإغلاق ملفات الانقسام وتثبيت المصالحة بين مكونات طرابلس.
ضرورة تشكيل لوائح توافقية ومستقلة
يشدد المصدر السياسي على أهمية تشكيل لوائح بلدية جامعة غير حزبية تحظى بثقة المجتمع المدني والناخبين، من أجل حماية المناصفة في بيروت والتوازن في طرابلس. كما دعا “قوى التغيير” للمشاركة من خلال لوائح مستقلة لقياس تأثيرها الشعبي.
تحذير من تسييس المعركة البلدية
ورغم أن العاصمة تحتضن جميع التيارات السياسية، إلا أن الخلاف بين النواب والأحزاب حول الانتخابات البلدية يهدد بتحويل المجلس البلدي إلى ساحة صراع، خصوصًا في ظل الانقسام حول “حزب الله” ودوره في الحرب الأخيرة على غزة.
ورأى المصدر أن تقليص التمثيل الحزبي داخل اللائحة التوافقية بات ضرورة، لأن الجمع بين أطراف متناقضة كـ”القوات اللبنانية”، و”التيار الوطني الحر”، والثنائي الشيعي أمر مستبعد، وقد يؤدي إلى تفجير المجلس من داخله.
السباق ضد الوقت
ويبقى السؤال: هل تنجح القوى السياسية في التوافق على لائحة بلدية موحدة في بيروت، وسط تعدد الطباخين وكثرة المرشحين لرئاسة المجلس؟ المطلوب اليوم هو ملء فراغ غياب تيار “المستقبل” بتحالف واسع قادر على حشد الناخبين ومنع تكرار سيناريو التشطيب الطائفي.
وما ينطبق على بيروت ينسحب على طرابلس، التي تقف على حافة أزمة مشابهة في ظل تشتت اللوائح وغياب التدخل الفاعل لضمان التوازن الطائفي.
المصدر: محمد شقير – الشرق الأوسط