
يعاني “حزب الله” من حالة توتر سياسي متفاقمة، تجلت في عودة نبرته التصعيدية التي تتضمن التهديد والتخوين والتشدد في مسألة السلاح، من قبيل “لا أحد يمكنه نزعه” و”سلاحنا باقٍ حتى ظهور المهدي”. فما الذي دفع الحزب إلى هذا التصعيد اللافت؟
هناك ثلاثة عوامل رئيسية تقف خلف تشدد “الحزب”:
1. الموقف الرسمي اللبناني:
شكّل تصريح رئيس الجمهورية، جوزاف عون، حول انطلاق حوار مباشر مع “حزب الله” بشأن بسط سلطة الدولة واحتكارها للسلاح، تحوّلاً نوعياً. فبدلاً من حصر النقاش حول سلاح “الحزب” في أطر حوارية غير مُلزمة، بات الحديث عن خطوات تنفيذية فعلية. ووفق معلومات مؤكدة، فإن “الحزب” وافق سابقاً على مناقشة تسليم السلاح، ما أحدث إرباكاً داخله بعد أن كُشف الأمر علناً. ولتجنّب المواجهة المباشرة مع الرئيس، صبّ “الحزب” هجومه على “القوات اللبنانية”، رغم أن الأخيرة لم تغيّر من موقفها المعروف تجاهه.
2. المفاوضات الأميركية – الإيرانية:
في ظل انطلاق محادثات مصيرية بين واشنطن وطهران، تحرص إيران على التفاوض من موقع قوة، وهو ما يفسّر تصعيد “حزب الله” لإبراز نفسه كورقة ضغط إيرانية فعّالة. فاستمرار وجوده المسلح يمنح إيران ورقة تفاوض إضافية، بعكس ما لو بدا في طور التفكك أو التسليم.
3. ارتباك داخلي وتراجع النفوذ:
وراء الواجهة، يواجه “الحزب” أزمة داخلية غير مسبوقة: تصدعات داخل صفوفه، فقدان كوادر عسكرية، ضغوط بيئية واقتصادية، تراجع موارد الدعم، وانقطاع خطوط الإمداد. كما أن هناك إدراكاً متزايداً داخل بيئته أن التمسك بالسلاح بات عبئاً وجودياً، وليس خياراً استراتيجياً.
لكل هذه الأسباب، يأتي التصعيد كوسيلة للدفاع عن النفس ومحاولة لإعادة شدّ العصب الشعبي عبر خطاب المواجهة، رغم إدراكه أن الواقع يتغير، وأن البيئة التي احتضنته بدأت تفكر خارج معادلاته.
المصدر : شارل جبور – نداء الوطن