تحت المجهر الدولي: حزب الله في مواجهة عزلة متصاعدة وتفكيك وشيك

يتصدر الوضع الأمني في لبنان جدول الاهتمامات الدولية، وسط محاولات من “حزب الله” ورئيس مجلس النواب نبيه بري للالتفاف على اتفاق الهدنة، غير أن الضغط الدولي يبقى العامل الحاسم. ولم يعد بمقدور المسؤولين في بيروت التذاكي على المجتمع الدولي كما فعلوا عقب صدور القرار 1701 في عام 2006.

المشهد اليوم لا يشبه مرحلة ما بعد حرب تموز، فعيون المجتمع الدولي تتابع لبنان عن كثب. ولا يهم العواصم الكبرى إن تخلّى “حزب الله” عن سلاحه طوعاً أو قسراً، فالأولوية لديها تتمثل بتفكيك أذرع إيران في المنطقة، وعلى رأسها “الحزب”.

وفي ظل تصاعد الضغطين الأميركي والدولي، تواصل طهران مفاوضاتها مع واشنطن حول الملف النووي وقضايا إقليمية أخرى. وقد منحت إيران “حزب الله” الضوء الأخضر لتصعيد لهجته والتشبث بسلاحه، أملاً في كسب ورقة تفاوضية إضافية تُستخدم في بازار المفاوضات مع الإدارة الأميركية.

وتسعى إيران بمختلف الوسائل إلى إبقاء “حزب الله” فاعلاً على الأرض إلى حين انتهاء صفقاتها مع واشنطن، من خلال دعمه بالتمويل والسلاح. إلا أن محاولاتها عبر الحدود اللبنانية ـ السورية باءت بالفشل، كما خرج مطار رفيق الحريري الدولي ومرفأ بيروت من دائرة سيطرة الحزب، ما دفعها إلى التوجه نحو تركيا، عبر الاستعانة بعصابات تهريب.

الأسبوع الماضي، انتشر خبر عن اقتراب بارجة أميركية من منطقة الضبية، ليتضح لاحقاً أنها ليست أميركية، بل سفينة تابعة لحلف “الناتو” تنشط في المياه الإقليمية اللبنانية، وتتركّز مهمتها منذ فترة على مراقبة الحركة بين لبنان وقبرص. الجديد في نشاطها هو تركيزها المكثف مؤخراً على سواحل شمال لبنان، وخصوصاً محيط مرفأ طرابلس.

وتفيد مصادر مطلعة لصحيفة “نداء الوطن” بأن مرفأ طرابلس شكّل هدفاً جديداً لعمليات التهريب من تركيا إلى “حزب الله”، ما استدعى تحرّكاً مباشراً من السفينة التابعة للناتو، التي بدأت تفتيش السفن القادمة إلى المرفأ والشواطئ الشمالية، بمساعدة البحرية الألمانية.

لم تغادر السفينة المياه اللبنانية، بل وسّعت نطاق مراقبتها ليشمل الحدود البرية الشمالية، في إطار مهمة دقيقة لضبط تهريب السلاح والمال والذهب إلى “حزب الله”. هذه الإجراءات تأتي تنفيذًا للقرار الدولي القاضي بتطبيق القرار 1701، والذي، رغم كونه تحت الفصل السادس، يرتبط بتطبيق قرارات أخرى أكثر حسماً، مثل القرار 1559 (تحت الفصل السابع) والقرار 1680، ما يفتح المجال لتدخّل دولي مباشر في حال توافر الغطاء السياسي.

وتشير المعطيات إلى أن القرار الدولي بالمواجهة قد اتُخذ. وتكشف معلومات دبلوماسية أن الولايات المتحدة تستعد للتحرّك ما لم تتحمّل الدولة اللبنانية مسؤولياتها. وفي هذا السياق، ورد في تقرير صادر عن القيادة المركزية الأميركية “CENTCOM” أن هناك تنسيقاً أميركياً ـ أوروبياً واسعاً لإنهاء الجناح العسكري لـ”حزب الله” ووضع حد لهيمنة جناحه السياسي على القرار اللبناني، ضمن تعاون استخباراتي يشمل فرنسا ودولاً عربية داعمة.

يعطي التقرير الأولوية للجيش اللبناني، الذي وسّع في الآونة الأخيرة انتشاره جنوب الليطاني وسيطر على مواقع كان يشغلها الحزب. كما نُصحت الحكومة اللبنانية بالتحرك لمنع تصعيد إسرائيلي محتمل، حيث إن أي تلكؤ في تفكيك بنية الحزب قد يُقابل بردّ عسكري قاسٍ من تل أبيب.

وفي سياق مراقبة السواحل اللبنانية، يوضح التقرير أن “حزب الله” يحاول استعادة قدراته العسكرية والمالية، ويعزز وحدات الرصد على الحدود الجنوبية. وهذا يفسر ضربات إسرائيل الأخيرة على “البيوت الجاهزة” التي تُستخدم كمراكز رصد. غير أن معظم محاولات “الحزب” فشلت بفعل الاستنزاف، إذ خسر عدداً كبيراً من قياداته ومقاتليه.

وتلفت وحدة “ESC-SHADOW21” التابعة لـ”CENTCOM” إلى وجود فكّ اشتباك عملي بين الجيش اللبناني وجناح “حزب الله” العسكري في الجنوب، بإشراف غرفة ثلاثية تضم الأميركيين والاستخبارات الفرنسية، وبمراقبة عبر الأقمار الصناعية الإسرائيلية (أفق-16). وقد انحصر نشاط “الحزب” العسكري ضمن الجنوب الشرقي.

وتُشير المعلومات القادمة من واشنطن إلى أن قرار “تحرير لبنان من النفوذ الإيراني” قد اتُخذ، والتنفيذ سيرتكز على تفكيك الأذرع المسلحة التابعة لطهران، بدءاً بـ”حزب الله”. كذلك، هناك تحرّك لإغلاق شبكات تمويل الحزب في الغرب، وإصدار قرارات قضائية ضد شخصيات مقرّبة منه، تمهيداً لعزلها سياسياً، وبعضها قد يواجه مذكرات توقيف دولية قريباً
المصدر:ألان سركيس
نداء الوطن

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: