
تأتي زيارة رئيس الجمهورية جوزاف عون إلى دولة الإمارات العربية المتحدة بعد محطتين في قطر والسعودية، ضمن مسعى العهد الرئاسي إلى إعادة تطبيع العلاقات مع دول الخليج، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية. ومن المنتظر أن يزور الرئيس عون الكويت في الحادي عشر من هذا الشهر، تلبية لدعوة رسمية للقاء أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الصباح وعدد من كبار المسؤولين الكويتيين.
وبحسب مصادر دبلوماسية خليجية رفيعة تحدثت إلى صحيفة «اللواء»، فإن هناك توجهاً خليجياً واضحاً لإعادة بناء الثقة وتعزيز العلاقات مع لبنان، لا سيما بعد المؤشرات الإيجابية التي ظهرت من العهد الجديد بقيادة الرئيس عون، وتصريحات حكومة الرئيس نواف سلام التي تؤكد السعي لفتح صفحة جديدة مع دول الخليج، في محاولة لتجاوز تداعيات التوترات السابقة التي أوصلت العلاقات إلى مستويات متدنية. وتشير المصادر إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد انفراجات كبيرة في هذا السياق، حيث من المتوقع أن تعلن الإمارات عن رفع الحظر المفروض على سفر مواطنيها إلى لبنان، إضافة إلى استئناف منح التأشيرات للبنانيين، بالتوازي مع قرارات خليجية مماثلة.
كما علم أن الإمارات والكويت تتحضّران لتعيين سفيرين جديدين في بيروت، في خطوة تعبّر عن التوجّه الخليجي المستجد تجاه لبنان، والذي يحظى بارتياح خليجي عام، في ضوء الإجراءات التي يتخذها لبنان على مختلف المستويات لتعزيز الاستقرار والعلاقات الخارجية.
وعشية توجهه إلى أبوظبي، اجتمع الرئيس عون مع رئيس لجنة الإشراف على تنفيذ آلية وقف إطلاق النار في الجنوب، الجنرال جاسبير جيفرز، وخلفه الجديد الجنرال مايكل ليني، بحضور السفيرة الأميركية ليزا جونسون. وقد شكر عون الجنرال جيفرز على جهوده خلال فترة توليه اللجنة، متمنياً التوفيق لخلفه. وتناول الاجتماع الوضع في الجنوب، حيث شدد عون على ضرورة تفعيل دور اللجنة في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، مطالباً بالضغط على الاحتلال لوقف خروقاته والانسحاب من التلال المحتلة وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين.
وأفادت المعلومات أن الرئيس عون طالب لجنة المراقبة الخماسية بلعب دور أكثر فعالية في التصدي للعدوان الإسرائيلي المستمر، خصوصاً مع تصاعد الاستهدافات التي باتت تطال عمق الضاحية الجنوبية لبيروت، مما يهدد مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار. وأوضح أن الجيش اللبناني يقوم بمهامه كاملة جنوب الليطاني، من مصادرة أسلحة وإزالة مظاهر مسلحة، لكن انتشار قواته الكامل يعيقه استمرار الاحتلال الإسرائيلي للتلال الخمس.
ووفق المعطيات المتوفرة، فقد طلبت القيادة اللبنانية من الإدارة الأميركية الضغط على إسرائيل للانسحاب من النقاط الخمس التي لا تزال تحتلها، محذرة من تداعيات خطيرة في حال استمرار الاحتلال. ويأمل المسؤولون اللبنانيون أن تعيد واشنطن النظر في موقفها وتبادر إلى إقناع إسرائيل بالانسحاب الكامل، التزاماً بقرارات مجلس الأمن، وعلى رأسها القرار 1701، الذي يشكّل أساساً للتهدئة والاستقرار في الجنوب، ويعتبر بمثابة مرجعية لضمان الأمن على جانبي الحدود.
في هذا السياق، أشار رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال لقائه مع الجنرال الأميركي مايكل ليني، إلى الخروقات الإسرائيلية المتواصلة رغم التزام لبنان الكامل ببنود وقف إطلاق النار، داعياً واشنطن إلى تحمل مسؤولياتها في لجم التمادي الإسرائيلي الذي يهدد استقرار لبنان ويقوّض سيادته. وأكدت مصادر نيابية بارزة لـ«اللواء» أن إسرائيل تستفيد من غطاء أميركي ضمني في عدوانها، محملة الإدارة الأميركية الجديدة مسؤولية عدم التدخل لوقف هذه الانتهاكات.
وفي ظل هذا الحراك الدبلوماسي المكثف، أبدت أوساط وزارية تفاؤلها بنتائج الجولات الرئاسية، خاصة بعد الأصداء الإيجابية التي تلقاها الرئيس عون من القادة العرب الذين التقاهم. وتشير هذه الأوساط إلى أن العهد مصمم على مواصلة مسيرة بناء المؤسسات ودعم استقلالية القرار الوطني، في استجابة واضحة لمطالب اللبنانيين الرافضين لأي سياسات تتنافى مع مصالح الوطن.
وتلفت المصادر إلى أن خطاب القسم وضع أسساً واضحة لهذه المسيرة الإصلاحية، ما يشكل حافزاً للدول العربية لدعم لبنان، خصوصاً بعد أن أعرب عدد من المسؤولين الخليجيين الذين زاروا بيروت مؤخراً عن التزامهم بالمساهمة في إعادة إعمار لبنان، شرط خروجه من محور الهيمنة الإيرانية، واستعادته لموقعه الطبيعي ضمن محيطه العربي. وبناء عليه، يعوّل لبنان على الدعم العربي والدولي لعبور مرحلة ما بعد الحرب، والتأكيد على أنه لن يكون بعد اليوم مصدراً للإزعاج أو التوتر في الإقليم، بل طرفاً فاعلاً في تعزيز الاستقرار والتعاون
المصدر:عمر البردان
اللواء