
شغلت “المسألة الدرزية” اهتمام الأوساط المحلية والإقليمية، نظرًا للدور التاريخي البارز الذي لعبه الدروز في لبنان وسوريا منذ ما قبل استقلال البلدين. وقد أثار تدخل إسرائيل في هذه القضية، تحت ذريعة حماية الدروز داخل حدودها، جدلاً واسعًا، خاصة بعد الأحداث الدامية التي طالت بلدات درزية وتحولت إلى صراع بين السلطة ذات الغالبية السنية والدروز كأقلية.
بعد المجازر التي وقعت بحق العلويين الموالين للنظام السوري، نشأ شعور بالخطر داخل الأقليات، خاصة الدرزية، ما أدى إلى تباين في المواقف داخل الطائفة. فقد انقسم الدروز إلى ثلاثة اتجاهات:
1. دعوات لتأسيس دولة مستقلة للموحدين الدروز.
2. مطالبات بالحصول على دعم خارجي، بما في ذلك من إسرائيل.
3. أصوات عاقلة تنادي بالتروي والحفاظ على التعايش التاريخي مع المحيط العربي، يقودها زعماء كوليد جنبلاط.
تاريخيًا، كانت إسرائيل تسعى لدمج الدروز داخل مجتمعها، وهو ما بدا واضحًا في مشاركة الدروز في مؤسسات الدولة والجيش. لذلك، لم يكن مفاجئًا دعم إسرائيل للطائفة، لكن ما لفت الانتباه هو سرعة وقوة تدخلها، والذي تجلى في:
• قصف مواقع قرب دمشق كتحذير للنظام السوري.
• نقل المصابين الدروز من سوريا للعلاج داخل إسرائيل، في خطوة رمزية داعمة.
• دعم فصائل درزية تؤيد التحالف مع إسرائيل.
هذا الدعم خلق انقسامًا داخليًا خطيرًا في الطائفة، مما دفع القادة العقلاء إلى التحذير من مخاطر ثلاثة:
• اقتتال داخلي بين الدروز أنفسهم.
• مواجهة مع سلطات الدول التي يعيش فيها الدروز.
• السعي إلى حل يضمن أمن الطائفة دون الانفصال عن المحيط العربي أو الارتماء في الحضن الإسرائيلي.
وهنا يطرح سؤال مهم: لماذا سارعت إسرائيل للتدخل بهذه الحدة في الشأن الدرزي؟
الجواب يرتبط بمساعي إسرائيل لفرض وجودها ككيان طبيعي في المنطقة، بعد فشل مبادرات الحلول الثنائية، مثل حل الدولتين. ترى إسرائيل في دعم قيام كيان درزي مدخلًا لإعادة تشكيل المنطقة كفسيفساء من الدويلات الطائفية، ما يمنحها شرعية ضمن هذا المشهد، وهو ما لم تحققه من خلال تحالفها السابق مع الموارنة.
في النهاية، يشدد النص على أن التاريخ يسجل الوقائع لا الأوهام، محذرًا من تكرار سيناريوهات التقسيم الطائفي التي تخدم مشاريع خارجية
المصدر:نبيل خليفة
نداء الوطن