كيف خسر المودعون 20 مليار دولار لصالح المقترضين؟

كشف وفد من المودعين أنّ حاكم مصرف لبنان، كريم سعيد، أبدى دعمه لمشروع قانون يُلزم من سدد قروضه خلال الأزمة بقيمة أدنى من قيمتها الحقيقية (باللولار أو الليرة) بإعادة الفرق، ما قد يتيح استرداد ما بين 15 و20 مليار دولار، وفق تقديرات أولية.

هذا التوجه يتقاطع مع رؤية سعيد للأزمة اللبنانية، التي صنّفها كأزمة نظامية تستدعي خططاً شاملة وقوانين استثنائية، تتجاوز الأطر التشريعية التقليدية. ويرى سعيد أن تسديد القروض بغير قيمتها الحقيقية شكّل عملية “نقل للثروة” من المودعين إلى المقترضين، خصوصاً الكبار منهم، ما يُبرر قانونًا يعيد التوازن المالي.

مَن سدد.. استفاد

تشير أرقام صندوق النقد الدولي إلى أن خسائر المودعين نتيجة هذه العمليات قُدرت في عام 2022 بحوالي 15 مليار دولار، وقد تكون اليوم قريبة من 20 مليار، نتيجة استمرار الظاهرة. ومع تراجع محفظة القروض المصرفية من نحو 55.5 مليار دولار عام 2019 إلى 7 مليارات في نهاية 2024، تُظهر الأرقام حجم الفجوة التي أُحدثت.

عون يدعم العدالة المالية

النائب ألان عون أبدى تأييده لفكرة إدراج بند “استعادة الفروقات” ضمن قانون التوازن المالي، مشيراً إلى ضرورة مساءلة من استفاد من تسديد قروضه بأسعار صرف متدنية، وهو يدعم مقترح “الضريبة على الأرباح غير المتوقعة” (Windfall Tax) التي تطال كبار المقترضين دون المساس بصغار المقترضين أو أصحاب القروض السكنية.

مواقف سابقة ومقترحات متكررة

الحاكم السابق بالإنابة، وسيم منصوري، سبق أن اقترح ضريبة استثنائية على الأرباح الناتجة عن تسديد القروض بفروقات صرف كبيرة، تُستخدم عائداتها لتعويض المودعين. ويُشترط لإقرار هذه الضريبة قانون من البرلمان، مع إمكانية استثناء القروض الصغيرة منها.

التحدي القانوني: المفعول الرجعي

من الناحية الدستورية، يُعد فرض قوانين بأثر رجعي مخالفاً للمبادئ العامة، بحسب الخبير القانوني سعيد مالك، الذي يشير إلى أن من سدّد قروضه في حينه استند إلى قانون النقد والتسليف. ومع ذلك، يُمكن إقرار قوانين استثنائية في ظل أزمة نظامية كبرى، شبيهة بقانون رفع السرية المصرفية الذي صدر بأثر رجعي.

بين الطعن والمصلحة العامة

ورغم احتمال الطعن بدستورية أي قانون استرداد، فإن الدافع العام لاستعادة حقوق المودعين قد يفرض تمريره، في ظل اعتبار الأزمة إحدى أخطر ثلاث أزمات مالية عالمياً حسب البنك الدولي. فإذا توافقت الأطراف السياسية، فإن القانون، ولو قابلًا للطعن، قد يُمرّر كجزء من إجراءات الخروج من الانهيار المالي غير المسبوق.

المصدر : باتريسيا جلاد- نداء الوطن

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: