
رغم مرور أكثر من خمس سنوات على بداية الانهيار الاقتصادي في لبنان، لا تزال الإصلاحات تراوح مكانها. وفي ظل غياب حلول فعلية، برزت أخيراً إشارات دولية، قد تفتح الباب أمام مقاربات مغايرة قد تفرض خيارات جديدة على صانعي القرار اللبنانيين.
من أبرز هذه الإشارات، ما ورد على لسان نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، خلال مشاركتها في منتدى قطر الاقتصادي، حيث أكدت أن صندوق النقد ليس المسار الوحيد لإنقاذ لبنان، مشيرة إلى “رؤية كبرى” بديلة تقوم على جذب الاستثمارات، بعيداً عن القروض المشروطة أو وصفات التصحيح المالي التقليدية.
اللافت أن هذا الطرح لم يُقابل بأي نفي رسمي أميركي، ما يعزز فرضية أن إدارة ترامب تدعم إعادة النظر في النهج السابق تجاه الأزمة اللبنانية. وفي حين لا يُعدّ هذا الطرح خروجاً نهائياً من منطق الصندوق، إلا أنه يطرح أسئلة عن مدى جدوى الاستمرار في الاعتماد عليه وحده، خاصة في ظل الخلاف الداخلي حول شروطه.
وتأتي هذه المقاربة في سياق يضع أولوية للاستثمارات على القروض، شرط أن يتم تعزيز بيئة الثقة: القضاء، القوانين، والمصارف. وهو ما يتقاطع، ولو جزئياً، مع متطلبات صندوق النقد. الجديد هنا، أن الإصلاحات تصبح “لبنانية الهوية” لا مفروضة خارجياً، بهدف إقناع المستثمرين بدلاً من إرضاء البيروقراطيات الدولية.
لكن الطرح الأميركي الجديد لا ينفصل عن البُعد السياسي، إذ ربطت أورتاغوس أي تقدم اقتصادي بإنهاء سلاح “حزب الله”، معتبرة أن مناخ الاستثمار يتطلب قراراً سيادياً مستقلاً، ما يجعل الاقتصاد في صلب معركة النفوذ السياسي.
في المحصلة، قد تكون مقاربة أورتاغوس بمثابة دعوة لإعادة تقييم العلاقة مع صندوق النقد. لا لرفضها بالمطلق، بل للسؤال: ما هو الخيار الأفضل للبنان؟ وكيف يمكن خلق بيئة موثوقة وجاذبة للاستثمارات بديلاً عن انتظار المساعدات؟
ربما ما قالته أورتاغوس لا يُختتم به النقاش، بل يبدأ به مسار جديد.
المصدر : عماد الشدياق- نداء الوطن