
أتمّت حكومة الرئيس نواف سلام أسبوعها المئة في الحكم، وسط خمول سياسي وتعطيل إداري لا يخفيه خطاب ولا تغطيه نوايا. ورغم مرور ربع عمرها تقريبًا، فإن الحصيلة الفعلية لما أُنجز تُختصر بانتخابات بلدية مضطربة وتعديل يتيم في قانون السرّية المصرفيّة.
يوم نالت الثقة، بدا أن الحكومة انطلقت من عنوانين رئيسيين:
- تنفيذ الإصلاحات.
- تطبيق القرار الدولي 1701.
لكنّ الواقع أثبت أن كلا العنوانين يراوحان مكانهما. فالإصلاحات باتت عبئاً سياسياً مع اقتراب الاستحقاق النيابي، إذ تخشاها القوى التقليدية لما لها من تبعات على شعبية المرشحين. أما القرار 1701، فقد تحوّل إلى سجال مفتوح بين “حزب الله” الذي يتذرّع بعدم انسحاب إسرائيل من خمس نقاط حدودية، وتل أبيب التي ترفض الانسحاب قبل سحب سلاح الحزب.
وسط هذا التعثّر، تبدو الحكومة في حالة انتظارية دائمة: لا خطة اقتصادية واضحة، ولا رؤية مالية مقنعة، ولا حتى تعيينات إدارية تؤشر إلى نية حقيقية في الإصلاح. الاجتماعات كثيرة، لكن القرارات التنفيذية غائبة، والملفات الكبرى مثل هيكلة القطاع المصرفي أو الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لا تزال في الثلاجة، بانتظار ظروف لم تنضج بعد، أو إرادة لم تولد أصلاً.
الرئيس نواف سلام، الذي استُقبل كـ”رجل الإصلاح”، لم يتمكن من ترجمة صورته إلى أفعال. اختار منذ البداية التموضع في منطقة رمادية، بين عدم مصادمة الطبقة السياسية من جهة، ومحاولة الحفاظ على الدعم الخارجي من جهة أخرى، فخسر بذلك فعاليته داخلياً وزخمه خارجياً.
أما الشارع اللبناني، فقد نفد صبره. لا تحسّن ملموساً في الخدمات، ولا في العملة، ولا في الكهرباء، ولا حتى في العدالة. وحده محافظ الشمال رمزي نهرا سقط نتيجة فضيحة الانتخابات، فيما بقيت المحاسبة غائبة على كل المستويات.
ومع بلوغ اليوم المئة، يُطرح السؤال الكبير:
لماذا شُكّلت هذه الحكومة إن كانت عاجزة عن التغيير؟
ولماذا مُنحت ثقة لم تُستخدم سوى في إدارة الوقت وتجميل العجز؟
قد لا يأتي الجواب من السراي، بل من الشارع، أو من صندوق الاقتراع المقبل، الذي أعطى إنذاراً مبكراً في الانتخابات البلدية الأخيرة.
المصدر : عماد الشدياق نداء الوطن