قانون الانتخاب الاعوج.. لبنان ليس بخير!!

بقلم خالد صالح

سُئل الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو ذات يوم : ما هو الوطن ؟.
أجاب : “الوطن هو المكان الذي لا يبلغُ فيه مواطنٌ من الثراء ما يجعله قادرًا على شراء مواطنٍ آخر، ولا يبلغ فيه مواطن من الفقر ما يجعله مضطرًا أن يبيع نفسه أو كرامته، الوطن هو رغيف الخبز والسقف والشعور بالانتماء، الدفء والإحساس بالكرامة” .
وقال أيضًا : “الوطن ليس أرضًا فقط ولكنه الأرض والحق معًا، فإذا كانت الأرض معهم فليكن الحق معك، الوطن هو حيث يكون المرء بخير” ..
في وطننا الكثير من الأسئلة تطرح، فهل تمّ استغلالنا واستعبادنا من قبل السياسيين وحيتان المال؟، وهل بعنا كرامتنا وأنفسنا كي نحظى بفرصة العيش بأرضٍ اسمها الوطن؟، والسؤال الأهم هل نحن بخير في وطننا ؟.
القانون الأعوج
تقول الحكمة: “متى يستقيم الظل والعود أعوج”، وفي لبنان بوسعنا القول : لن يستقيم الوضع ونحن نعتمد في الانتخابات النيابية على قوانين “عوجاء”، وآخرها القانون النافذ المعتمد على النسبية وبدعة الصوت التفضيلي، الذي أقره المجلس النيابي في حزيران 2017 الذي أسهم بشكل فاقع إلى فرز مذهبي لمقاعد المجلس النيابي الـ 128، موزعة على 15 دائرة تدخّل “المقص” في تفاصيلها وتركيبها وفقًا لأهواء الساسة وأرباب المال.
الدوائر الـ 15 تحكّمت الطائفية والمذهبية في رسم معالمها، فجاءت غير متوازنة وهجينة التركيب الأمر الذي سمح بوصول البعض إلى المجلس النيابي بـ “حفنة” أصوات لا تتجاوز المئة أحيانًا مقابل فشل البعض رغم نيلهم كميات من الأصوات تتجاوز العشرة آلاف، وجاء الصوت التفضيلي “البغيض” ليضرب أركان اللائحة الواحدة نفسها بعضهم ببعض وحصره بنسبة مئوية تجاوزت الـ 90 % بالمذهبية الكريهة .
هذا الأمر دفع بقادة الأمر الواقع إلى طرح مسألة تعديل قانون الانتخاب والبحث جدّيًا عن معالجة عيوبه وثغراته مع الحفاظ على مبدأ “النسبية” التي شهدناها في الدورتين الماضيتين (2018-2022)، في محاولة لاستعادة اللحمة الوطنية التي تعرّضت جراء هذا القانون إلى “شرخٍ” كبير، بعدما أثبتت التركيبة الحالية عجزها وعدم قدرتها على الإمساك بناصية البلاد خصوصًا منذ الـ 2019 ولغاية اليوم .
تعديلات غب الطلب
بعيدًا عن الدروس المستقاة من خوض الانتخابات وفق القانون النسبي الهجين والنافذ، من المتوقع أن تكون تركيبة المجلس الحالية عقبة كبيرة في وجه أي تعديلات محتملة إلا إذا كانت وفق أهوائهم أو “غب الطلب” من دون الالتفات لحرية الناخب، وستفرض وقعها حول مسار القانون لأن الهدف الرئيسي هو الإبقاء على الناخب في قبضة الأحزاب والمحادل الانتخابية .
القانون الحالي الذي تمّ تجاوز الكثير من مواده والاجراءات اللازمة له، ومنها اعتماد البطاقة الإلكترونية المُمَغنطة والميغاسنتر، سقطت نتيجة التخاذل حيال عدّة بنود إصلاحية، فأجريت الانتخابات في الـ 2022 من دون أي تعديلات فبلغنا “الحضيض” في صورة التمثيل، ورغم نجاح النسبية في بعض الإنصاف وعدالة التمثيل، لكن مساوىء القانون ضرب مفهوم النسبية بالصميم .
بالتالي ثمّة سؤال يُطرح عن مصير قانون الانتخاب ككلّ، حيث لم تقدّم الخلطة النيابية الحالية بين قوى سلطوية تقليدية وقوى التغيير أيّ إضافة إصلاحية على أداء البرلمان، كما أنّ الضغط الدولي المستمرّ على لبنان قد يفرض قواعد عمل نيابية لجهة الترشيحات والتحالفات وتعديلاً على قانون الانتخاب توائم متطلّبات المرحلة دوليًا .
بين الحكومة والبرلمان
ورشة التعديلات أو الاقتراحات اللازمة يجب أن تنطلق من الحكومة وتواصل سيرها في المجلس النيابي، وعليه فإما أن تكون “حركة بلا بركة” أو “جعجعة من دون طحين”، وهي تشبه ذر الرماد في العيون، وأن يبقى الوضع على ما هو عليه في الـ 2026، لأنه حتى اللحظة ليس هناك من بوادر عملانية لأي تعديلات جوهرية تطاول القانون وثغراته الكثيرة، أو فعليًا نصل إلى تعديلات تعيد شيئًا من روحية ديموقراطية الانتخابات إلى الساحة المحلية .
“لن نكون بخير” ما دام “الوطن ليس بخير”، ولن يكون الوطن بخير إلا إذا فعليًا استعدنا روح العمل الديموقراطي في النظام الانتخابي ككل، كي تأتي صورة المجلس النيابي على شاكلتنا كـ “شعب” لا أن تكون على صورة الممسكين بالقرار من أعلى الهرم، لأننا في ظل الوضع القائم سنظل أسرى الاستعباد والاستغلال ولن يكون بوسعنا تغيير شيء .. حتى ولو قيد أنملة ..

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: