الضرائب تُثقل كاهل اللبنانيين مجددًا: حكومة “الترقيع” تتجاهل الانفجار الاجتماعي المرتقب

لا تزال الحكومات اللبنانية المتعاقبة تواصل نهج “الترقيع والارتجال” في معالجة الأزمات، خصوصًا المعيشية منها، حيث تستسهل تحميل المواطن أكلاف فشلها، عبر إجراءات ضريبية مباشرة وغير مباشرة، كان آخرها قرار رفع الضريبة على استهلاك المحروقات، وخاصة المازوت، بما يتراوح بين 100 و160 ألف ليرة لبنانية على الصفيحة الواحدة. وقد أقرّ هذا القرار بأغلبية وزارية شبه تامة، مع اعتراض وزراء “القوات اللبنانية” الذين أعلنوا عزمهم تقديم طعن به أمام مجلس شورى الدولة.

الهدف الظاهر: توفير موارد مالية سريعة لدعم منح القوى الأمنية وتحسين الرواتب. لكنّ الواقع يُظهر تخبّطًا في السياسات وافتقارًا لأي خطة اقتصادية مستدامة، ما دفع وزير الصناعة جو عيسى الخوري إلى كشف المستور، مشيرًا إلى أن القرار اتُّخذ بشكل مرتجل بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء، وتم تحميل المازوت رسوماً تفوق بكثير ما فُرض على البنزين. وأعرب عن قلقه من الأثر الكارثي على القطاع الصناعي، وعلى أسعار الكهرباء التي يعتمد جزء كبير من اللبنانيين على مولداتها، ما يعني زيادات جديدة تطال الجميع.

وفي خطوة لافتة، اقترح الخوري بدائل واقعية أكثر فعالية، أبرزها إصلاح الجمارك والحد من التهريب وتزوير الفواتير، وهي إجراءات قادرة وحدها على توفير أكثر من مليار دولار سنويًا. لكنه أشار إلى أن هذه المقترحات لم تلق آذانًا صاغية، مكتفيًا بالإشارة إلى وعد من رئيس الحكومة نواف سلام بـ”إعادة النظر”.

هذا القرار لم يأتِ في فراغ. فلبنان يعيش أزمة تضخّم خانقة منذ عام 2019، بحسب إدارة الإحصاء المركزي، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنحو 260 ضعفاً، والتعليم والصحة 38 و52 مرة تواليًا، فيما وصل الدولار إلى نحو 89,500 ليرة بعد أن كان مثبتًا عند 1507.5 ليرات.

وسط هذه الأرقام الصادمة، تتساءل الناس: إلى متى يستمر تجاهل الواقع؟ ومتى تتوقف الحكومة عن تحميل المواطن ثمن الفشل السياسي؟ أين مجلس النواب من دوره في الرقابة والمساءلة؟ وكيف يمكن لرئيس الجمهورية جوزاف عون أن يوافق على قرارات كهذه، وهو الذي يؤكد في كل مناسبة أن هدف العهد هو “راحة الناس”؟

الغضب الشعبي يتزايد، ومعه مؤشرات انفجار اجتماعي لم يعد بعيدًا. فجرائم القتل والسرقة والمخدرات في تصاعد، والفساد ينخر في كل مؤسسات الدولة. وإذا لم يبدأ الإصلاح من القمة، فالمواجهة مع الشارع قد تكون قريبة جدًا.

المصدر:غاصب المختار اللواء

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: