
تحوّل ملف تعيين نواب حاكم مصرف لبنان إلى مواجهة سياسية مفتوحة، لا تقلّ حساسية عن تشكيل الحكومات وتوزيع الحقائب، نظراً لما لهذا المنصب من تأثير مباشر على السياسة النقدية والمالية للدولة.
وبينما يسعى الحاكم الجديد كريم سعيد إلى تشكيل فريق عمل جديد بالكامل، تصطدم رغبته بإرادات سياسية متمسّكة ببعض الأسماء، أبرزهم وسيم منصوري المدعوم من رئيس البرلمان نبيه برّي، وسليم شاهين الذي يحظى بدعم رئاسة الحكومة، وألكسندر مارديان المقبول من رئيس الجمهورية. العقبة الكبرى تبقى عند التعيين الدرزي، حيث يصرّ وليد جنبلاط على استبدال بشير يقظان بمكرم بو نصّار، في ظل رفض ضمني من حلفائه السياسيين.
ورغم انتهاء ولاية النواب الأربعة، يحاذر رئيس الحكومة نواف سلام طرح التعيينات في جلسة مجلس الوزراء، في وقت يحاول وزير المال ياسين جابر إيجاد صيغة توافقية تُرضي جميع الأطراف خلال أسبوع، مشيراً إلى أن التوجه هو لتعيين وجوه جديدة مع إمكانية إعادة تعيين من أثبتوا كفاءة.
كما تجري مشاورات متوازية لتعيين لجنة رقابة جديدة على المصارف، وسط شبه توافق على اسم مازن سويد لرئاستها، وانضمام ربيع نعمة وتانيا كلّاب وآخرين من المؤسسات المعنية.
ويبدو أن الحكومة تسعى إلى تجاوز التوازنات التقليدية التي حكمت التعيينات المالية منذ عقدين، لكن التحدي الأساسي يبقى في قدرة السلطة التنفيذية على تمرير التشكيلات كحزمة واحدة، وسط تجاذب طائفي وسياسي معقّد، يضع مصير السياسة النقدية مجدداً رهينة التسويات