
يبدو أن المنطقة تسير فوق صفيح ساخن، مع تصاعد المؤشرات إلى احتمال انفجار جديد في المشهد الإقليمي، خصوصاً بعد تصريحات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب التي شكّك فيها بإمكانية التوصل إلى اتفاق مع إيران بشأن تخصيب اليورانيوم. هذه التصريحات قرئت كإشارة إلى انهيار المفاوضات وفتح الباب أمام مواجهة محتملة، خاصةً أن ترامب سبق وأن هدد طهران بالخيار العسكري في حال عدم التوصل إلى اتفاق نووي بديل.
وفي تطور ميداني لافت، كشف مسؤول أميركي لوكالة “رويترز” أن وزير الدفاع بيت هيجسيث وافق على السماح لعائلات الجنود الأميركيين بمغادرة مواقعهم في الشرق الأوسط طوعاً، في إجراء احترازي يعكس المخاوف المتزايدة من التصعيد. البيت الأبيض أكد أن الرئيس الأميركي على علم بهذه التدابير، بالتزامن مع معلومات عن استعدادات لإخلاء منظم في السفارة الأميركية في بغداد بسبب التهديدات الأمنية المتزايدة.
الدفع الفرنسي مجددًا
في هذا الوقت، أنهى الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان زيارته إلى لبنان، حيث التقى كبار المسؤولين اللبنانيين، بمن فيهم ممثلون عن “حزب الله”. وبرز خلال لقائه بالنائب محمد رعد، موقف الحزب الداعم لتمديد ولاية قوات الطوارئ الدولية “اليونيفيل”.
مصادر مطلعة كشفت أن المحور الأساسي في لقاءات لودريان كان الإصلاحات الاقتصادية والمالية الضرورية كشرط مسبق لعقد مؤتمر دعم لبنان المنتظر في باريس. لكن هذه الإصلاحات لن تكون كافية ما لم ترفق بخطوات حاسمة لضبط السلاح غير الشرعي وبسط سيادة الدولة، وهو ما شددت عليه باريس مراراً.
قلق على مصير “اليونيفيل”
في المقابل، أبدت مصادر مطلعة لجريدة “الأنباء الإلكترونية” خشيتها من وجود نية خفية لإضعاف دور اليونيفيل، عبر تكرار الاعتداءات عليها في الجنوب، تمهيداً لتصوير وجودها كعامل توتر، وبالتالي الدفع باتجاه انسحابها. ولفتت إلى إمكانية استغلال إسرائيل لهذه الحوادث لتبرير مطالبات دولية بإنهاء مهمة القوة الأممية، ما قد يؤدي إلى تحويل جنوب لبنان إلى نسخة ثانية من قطاع غزة.
وترى هذه المصادر أن التراجع في الاهتمام الدولي بلبنان، لصالح التركيز على الملف السوري، يزيد من خطورة هذا السيناريو، باستثناء فرنسا التي لا تزال تلعب دوراً فاعلاً في الملف اللبناني.
انتقادات داخلية وتخوّف من الفوضى
في الداخل اللبناني، وجّه النائب نزيه متى انتقادات لاذعة لـ”حزب الله”، داعياً إياه إلى تحمّل المسؤولية الوطنية وتسليم سلاحه فوراً، معتبراً أن تأخر الدولة في معالجة هذا الملف مكّن الحزب من إعادة تنظيم صفوفه وتعزيز قدراته.
وأشار متى إلى أن القصف الأخير الذي طال الضاحية الجنوبية أعاد لبنان إلى واجهة التصعيد وجعله عرضة للاعتداءات الإسرائيلية. ولفت إلى أن المماطلة في تنفيذ الإصلاحات وسحب السلاح تهدد بفقدان ما تبقى من دعم دولي لإعادة إعمار البلاد.
كما دعا رئيسي الجمهورية والحكومة إلى تنفيذ ما تعهدا به في خطاب القسم والبيان الوزاري، وذكّر بتصريح سابق للرئيس جوزيف عون أشار فيه إلى أن عام 2025 سيكون محطة حاسمة لاستكمال بسط سيادة الدولة وسحب السلاح غير الشرعي