
تشكّل إعادة هيكلة القطاع المصرفي في لبنان حجر الزاوية في أي مسار إصلاحي منتظر، تمهيداً للتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي. ويُعدّ قانون الفجوة المالية من أهم المفاصل التشريعية التي يفترض أن تواكب هذا المسار، كونه يعالج جوهر الأزمة المالية، وتحديداً قضية الودائع المصرفية المحتجزة.
فبعد إقرار التعديلات على قانون السرية المصرفية، بدأت لجنة المال والموازنة مناقشة مشروع قانون إصلاح القطاع المصرفي، لكن المؤشرات حتى الآن لا توحي بأي تقدم جدي. وهذا القانون يُفترض أن يمهّد لإعداد قانون الفجوة المالية، الذي يحدّد حجم الخسائر، ويضع الأساس لتوزيعها بين الأطراف المعنية.
وزير المال ياسين جابر أوضح في حديث إلى “النهار” أن إعداد قانون الفجوة يتطلب بيانات دقيقة، يجري جمعها بالتعاون مع مصرف لبنان. وأشار إلى أن الوزارة تزوّد المصرف المركزي بالأدوات القانونية اللازمة، وأبرزها قانونا السرية المصرفية والإصلاح المصرفي، اللذان يتيحان للجهات الرقابية التدقيق في الحسابات وتحديد حجم الخسائر الفعلية.
لكن جابر استبعد أن يرى القانون النور قريباً، قائلاً إن “المسألة تحتاج إلى وقت كافٍ، لأن المطلوب قانون عادل ومنصف يحفظ حقوق المودعين ويحدّد المسؤوليات بدقة”.
وفي السياق، لا يزال ملف التعيينات المصرفية العالقة ـ لا سيما نواب حاكم مصرف لبنان وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف ـ يشكّل عائقاً إضافياً، في ظل الخلافات السياسية التي تعرقل التوافق على الأسماء المطروحة. هذا التعطيل يتزامن مع انشغال القوى السياسية المبكر بالتحضير للانتخابات النيابية، ما يدفعها إلى تجنّب الخطوات غير الشعبية.
بدوره، أشار النائب جورج عدوان (تكتل الجمهورية القوية) إلى أن “غياب مشروع قانون التوازن المالي يعني غياب الأمل بنهوض الاقتصاد واستعادة الثقة بالقطاع المصرفي”، مؤكداً أن كتلته “لن توافق على أي قانون لا يصون حقوق المودعين”.
وفي المحصّلة، كل يوم تأخير في إعداد قانون الفجوة المالية، يعني مزيداً من التأجيل في مسار استرداد الودائع، وتأخيراً في استعادة ثقة الناس بالنظام المصرفي والاقتصاد ككل.
المصدر : سابين عويس – النهار