العربية.. ساحرة اللغات

بقلم محمد حندوش

الثامن عشر من شهر كانون الأول هو اليوم العالمي للغة العربية ليكون المناسبة الوحيدة الذي يذكرنا بأن العربية على قيد الحياة،
مع أن العربية عاصمة اللهجات، وساحرة اللغات، وسيدة الألسن والنبرات.

ولأنها أشمل من أن تكون مجرد وسيلة للتواصل، أو
شعاراً لقومية لا تسمن من حياة ولا تغني من قداسة،.

ولأن أحرفها الثمانية والعشرين متمردةً على الأفول، ومتفوقةً على الذبول، وفي داخل كلّ حرفٍ ألف نبضٍ يرقص، وألف ترنيمة تتراقص، وألف ألف نشيد يعزف،،

ولأنها على غير سنن اللغات الأخرى، ولدت هكذا فجأةً بغاية الكمال، وهذا أغرب ما حصل في تاريخ البشر ، فليس لها طفولة ولا شيخوخة،

إنها الأم التي تفننا في ممارسة العقوق نحوها،، والأخت التي تساهلنا في حماية جمالها من أخطر عملية تشويه فايسبوكية، وأشنع بدعة تواصل واتسابية، وأقبح صورة تراشق إعلامية،،،

ولعل مسلسل العقوق الذي يُعرض يومياً على وسائل الاتصال والتواصل، وعلى قنوات الاعلام وبكل الأقلام، مؤشرٌ خطير…
فقد تفنّن مقدمو البرامج في خدش عذريتها،، وتبارى كاتبو الصحف في قضم بلاغتها،، وتسابق مصمموا المناهج في تقزيم مكانتها،،،

فقد بتنا في زمنٍ نحتاج إلى مترجمٍ للعربية بعد إصابة أبنائها بفيروس العجمة، الزاحف من كل حدبٍ وصوب
حتى باتت العربية الضيف الأثقل في ساعات التدريس، ولك أن تتصور العجب العجاب عن ردة فعل المجتمع من رجل يتكلم بالفصحى، وكأنه قادمٌ من كوكب آخر.

يفرٌ التلميذ من فوبيا التفاعيل والبحور،،، ويكاد يفقد وعيه لدى تحليل بضعةٍ من السطور،،

أستاذ العربية ضيفٌ غير مرغرب فيه وبلا أسباب،، ويتصبب الجبين عرقاً لدى الوصول الى سؤال الإعراب..

المتخلف في نظر المجتمع، من يكتب واتسابياً بأحرفٍ عربية، والمعاق في عرف الفايسبوكيين من ينشر بغير العامية،
نشرات الأخبار تنصب الفاعل زورا، وحملات الدعاية ترفع المنصوب سرورا،،

من هنا وبمناسبة اليوم العالمي للغة العربية تبرز الحاجة الى العناية باللغة كوسيلة للتواصل “سمعاً وكتابةً وقراءة” وإنقاذ ما تبقى منها، ضمن سياق مصالحة حقيقية بين لغتنا والواقع، لاستعادة مجدٍ ضائع، ولتحريرٍ أبجديتنا من زنازين العامية وسجنها القاتم،

ولأهميتها في تاريخنا التليد كانت القبيلة العربيّة في الجاهليّة تضرم النّار في مضاربها ثلاث ليالٍ إذا بشّرت بشاعر، كانت تفتنهم القصائد، وتطربهم البلاغة، وقد أنزلوا الإيجاز منزلةً لم ينزلوها فنًّا آخر من فنون الكلام.

فهل تعود العربية إلى سابق عهدها من الشهود الحضاري!! سؤال برسم الأجيال القادمة

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top