بعد غزة فاصل.. وفي ١٥ شباط نواصل!..

كتب صائب بارودي

يسود الاعتقاد الراسخ لدى بعض الباحثين في شؤون المنطقة العربية والمراقبين لمجريات أحداثها المتعاقبة والمتسارعة.
إن ما حدث ويحدث في غزة والعدوان الصهيوني عليها، وما أسفر عنه من ويلات ومآسي للشعب الفلسطيني، وسقوط الآف الشهداء والمصابين والمعاقين، وما نتج عنه من تهجير لأبناء القطاع بعد تدمير شبه كامل، هو سيناريو مكرر للعدوان الصهيوني على لبنان في تموز عام ٢٠٠٦، وما لحق بالبُنى التحتية للدولة اللبنانية واقتصادها وسقوط الضحايا من شهداء من أبناء القرى الجنوبية التي تعرضت للدمار والخراب ونزوح معظم سكانها إلى المدن اللبنانية المختلفة.

ففي تموز ٢٠٠٦ قام العدو الصهيوني بإعتدائه السافر على الأراضي اللبنانية كردة فعل إنتقامية كما زعم على خطف “حزب الله” لجنديين صهيونيين على الحدود الجنوبية، حيث قصف كل المناطق اللبنانية جنوبًا وشمالاً دون استثناء، وطال القصف الهمجي، الجسور والمرافق والبُنى التحتية من كهرباء ومياه وإتصالات. ما ألحق بالإقتصاد اللبناني خسائر هائلة فادحة، فضلًا عن الخسائر البشرية التي بلغت الآف الشهداء والمصابين والفاقدين لمنازلهم وأراضيهم التي لحق بها الدمار والخراب.

وبعد التوصل إلى إتفاق لوقف إطلاق النار في آب وتبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود للدمار والخسائر البشرية والمرفقية والإقتصادية للدولة اللبنانية واعتباره انتصاراً ل”حزب الله” سُئِل أمينه العام عن المستفيد من هذا العدوان الجائر، فكان جوابه ما أصبح على كل شفة ولسان بين اللبنانيين:”لو كنت أعلم”!!؟.

وفي ٨ تشرين الأول ٢٠٢٣ تكرّر المشهد في غزة، حيث قام العدو الصهيوني بعدوانه الوحشي والهمجي على قطاع غزة مدّعيًا أنه ردّ على عملية “طوفان الأقصى”، وأسفر عن سقوط عشرات الآلاف من الشهداء والمصابين الفلسطينيين، ونزوح مئات الآلاف من ديارهم ومساكنهم في القطاع بعد الدمار الهائل والمأساوي الذي لحق بمدنه وأراضيه، و ما زال نزيف الشهادة والقتل والدماء والتهجير والدمار ساري المفعول حتى الآن.

وإذا ما تمّ التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتبيّن حجم الخسائر في غزة بشريًا وإقتصاديًا، هل ستبادر قيادات “حماس” وفي طليعتها خالد مشعل وإسماعيل هنية للقول:”لو كنت أعلم”، ويعتبرونه إنجازاً عسكرياً قد حققته حركة “حماس” على أشلاء الشعب الفلسطيني وركام قطاع غزة ؟؟.
وهل سيبادر الشعب الفلسطيني المفجوع بضحاياه وخسائره إلى سؤال تلك القيادات لمصلحة من قامت”حماس” بهذه العملية العسكرية التي أدت إلى ما أدت إليه وأسفرت مما أسفرت عنه من ضحايا وخسائر؟؟.

يُرجح بعض المراقبين والمتابعين أن مجلس الأمن قد يعقد قبل نهاية الشهر الجاري جلسة لأعضائه يتوصل خلالها إلى إتفاق لوقف إطلاق النار بين حماس والعدو الصهيوني وينفذ فوراً لينتقل السيناريو الحربي إلى فصل آخر ومرحلة عسكرية أخرى يجري الإستعداد لها من الأطراف المعنية!!؟.

ويشير المطلعون على مسار الإتصالات والمساعي الجارية استعداداً لما بعد حرب غزة، وهي مرحلة ستشهد أسوأ مما شهدته المرحلة السابقة، حيث تتجه الأنظار مترافقة مع قلق بالغ نحو جبهة الجنوب اللبناني التي قد تشهد معركة شرسة بين الكيان الصهيوني و”حزب الله” إن لم يتجاوب مع المساعي التي يقوم بها موفدون دوليون لإقناع الحزب بتنفيذ قرار ١٧٠١ الأممي الذي ينصّ على إنسحابه إلى شمال نهر الليطاني وتسليم أسلحته إلى الجيش اللبناني، وهو ما رفضه الحزب وآثر خوض معركة طاحنة مع العدو الصهيوني، قد تشارك فيها الجبهة السورية.
كما أشارت المعلومات إلى إجتماع لم يُعلن عنه عُقِد في دمشق شارك فيه الرئيس السوري وقائد الحرس الثوري الإيراني وأمين عام “حزب الله” في ٨ كانون الأول الجاري.
وقام الرئيس التركي أردوغان بزيارة سرّية في الشهر الفائت التقى خلالها مع الرئيس السوري .

وفي هذا السياق تتركز الإتصالات القائمة على قدم وساق بين الأطراف المعنية دوليًا وعربيًا والتي أعطت “حزب الله” مهلة لتنفيذ المطلب الأممي قرار ١٧٠١ حتى ١٥ شباط القادم، وإلا هي الحرب التي يخشى الجميع نتائجها وعواقبها من نكبات ومآسي.

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top