بقلم رفال صبري
منذ العام 2020 انهالت الأزمات على المجتمع اللّبناني، واحدةً تلو الأخرى و “فرطت المسبحة” مع الأزمة المالية والاقتصادية التي خلّفت وراءها الكثير من الخراب في البلاد الذي بات يعوم في دائرة السوق السوداء والاحتكارات وبدأت على إثرها مشكلة فقدان الطوابع وارتفاع أسعارها.
تحديد وتقييد
لعنة فقدان الطّوابع حلّت على كلّ فئات المجتمع اللّبناني دون إستثناء، إذْ لا طوابع تعني لا معاملات بجميع أنواعها الرسمية!
وعلى رأس الجهات التي طالتها المعاناة هم المخاتير بشكلٍ أساسي ومباشر…
وفي هذا الإطار، يشير مختار بيروت – المزرعة، عبد الهادي كمال العبيدي في حديثٍ إلى “ديموقراطيا نيوز” إلى أنّ الدّولة اللّبنانية ومنذ حوالي السّنة تقريبًا قد حدّدت لكلّ مختار عدد طوابع بقيمة لا تتعدّى المليون ليرة في الشهر الواحد.
البعض قد لجأ إلى تقديم مذكرة بهدف الحصول على عدد أكبر، لكن صعوبة الوصول إلى الدور وإتمام الأوراق جعل العديد يتراجع عن هذه الخطوة خصوصًا وأنّ الإنتظار قد يصل إلى أكثر من ثلاث ساعات!
لا سيّما وأنّ هذه الطلبات هي نفسها بالنسبة للمواطنين، المخاتير، المحامين، رؤساء البلديات، وغيرهم العديد من الجهات الرسمية… أي طوابير لا تُعد ولا تحصى.
النموذج ص14 كحل مؤقت
أصدر وزير المالية في وقتٍ سابق قرارًا بإشعار التسديد ويُسمى النّموذج ص 14 وهو عبارة عن طلب يملؤه صاحب العلاقة أيًّا كان وبشكلٍ مباشر بهدف شراء الطوابع من خلال تحديد قيمتها بالليرة اللبنانية ويحصل عليها عبر الموقع الرسمي لوزارة المالية ويسدّد القيمة المطلوبة عبر شركات الدّفع وتحويل الأموال كالـOMT والـ”كاش بلاس” وWish money و BOB finance و Libanpost…
وتجدر الإشارة إلى أنّه وبسبب إضراب موظفي القطاع العام والمصالح التابعة للدولة فإن تلك الآلية لم تعتمد بشكل كبير آنذاك لكن المستفيد الأكبر من هذه الخاصية هم المخاتير إذْ يعتمدون عليها بهدف الحصول على الطوابع لإصدار إخراجات القيد والمعاملات الأخرى.
في هذا الصدد يضيف “العبيدي” إنّ الأمر الّذي جعلنا قادرين على الإستمرار هو السماح للمخاتير باستخدام الطوابع وفقًا لتسعيرة ال “Wish Money” أو “OMT” التي تختلف اختلافًا بسيطًا لكنّها في الوقت الحالي تحدث فرقًا بالنسبة لنا وتساهم في زيادة أعداد الطوابع المسموحة، وكذلك الأمر بالنسبة لإنجاز إخراجات القيد سهّلت على المواطن من ناحية الدفع والمجهود.
طابع الألف في المنفى
في ظلّ أزمة الطوابع التي طالت جميع الفئات، إلّا أنّ طابع الألف قد فُقد بشكلٍ كبير في الأسواق لا سيّما مع الطلب المتزايد عليه لإنجاز معظم المعاملات أكثر من غيره، ممّا اضطر إلى استبداله في كثيرٍ من الأحيان بطابع ال 250 ليرة وذلك من خلال 4 طوابع بديلة لطابع الألف الواحد وهي مشكلة ثانية بحدّ ذاتها قد يصل المطاف في بعض المعاملات إلى حوالي 16 طابعًا من فئة ال 250 ليرة! ممّا يجعله عُرضةً للفقدان هو أيضًا.
في هذا الإطار يرى “العبيدي”، أنّ طابع الألف يسبب مشكلة في الوقت الراهن، إذْ أنّ الطلب عليه كبير لكن توافره بالأعداد المطلوبة صعب جدًّا وفي السوق السوداء وصل سعر طابع الألف إلى الخمسين والمئة ألف وربّما أكثر.
والحلّ إمّا سحبه من السوق أو إلغاؤه بسبب توافره بأعداد ضئيلة جدًّا لا تتناسب وأعداد المعاملات المطلوبة، أو ضخّ عدد كبير منه في الأسواق لحلّ هذه الأزمة.
المختار ليس مصدرًا للطوابع!
في الماضي كان المختار مقصدًا بالدّرجة الأولى لشراء الطوابع منه إذْ كانت متوافرة بكثرة ولا قيود على أعدادها، حينها لم يكن يعاني المختار من أزمة ويوفّرها لمن يطلبها ولو كان الهدف شراءها دون إجراء المعاملات…
أمّا اليوم، فالوضع يختلف إذْ الطوابع التي يحصل عليها المختار بالكاد تكفيه لإنجاز المعاملات المطلوبة وأحيانًا أخرى لا تكفي فلم يعد قادرًا على تيسير أمور النّاس بالطوابع.
هنا يعتبر “العبيدي”، أنّ المختار ليس مصدرًا للطوابع وهذا ما لا يمكن شرحه للنّاس، فنحن نسعى لتأمين أكبر قدر منها لإنجاز معاملات الأفراد وتسهيلها ولكنّنا لا نبيع الطوابع! وعلى الصعيد الشخصي، لا ألزم الناس بدفع مقابل للطوابع الخاصة بالمعاملات مهما كان عددها، أوفرها بالمجان، لكن في بعض الأحيان نصل لمرحلة لا نعد فيها قادرين على تأمين الأعداد المطلوبة فيلجأ البعض إلى شراء الطوابع من السوق السوداء بأسعار باهظة لأجل تخليص المعاملات واختصار الوقت.
فمن الواجب على وزارة المالية مراعاة الوضع ووضع المعاملات قيد الإنجاز بعين الإعتبار فمبلغ مليون ليرة لا يعني شيئًا بالنسبة لأعداد المعاملات الموجودة في الأسواق.
الدولة لها مدخول خاص من خلال الطوابع من المفترض أن تضخ أعدادًا كبيرة منه لزيادة مردود الميزانية والمالية وعدم ضخه بأعداد قليلة تسمح بوجود السوق السوداء والاحتكار التي زادت من الطين بلّة.
بين السوق السوداء والاحتكارات كالعادة المواطن اللّبناني في خضمّ المعركة… فماذا ينتظره بعد؟
