لبنان ينهض من رماده المهني… ومشاريع تنموية تفتح نوافذ المستقبل

بقلم: ريتا السهوي

في زمن الأزمات، تتحرك مبادرات ميدانية لبنانية بهدوء لتعيد رسم مشهد العمل والتنمية المستدامة.
في زمنٍ اختنقت فيه العناوين بأخبار الانهيار، يطلّ لبنان هذه المرة من زاوية مغايرة: زاوية الفعل لا القول، حيث تتوالى مبادرات ميدانية ومشاريع مهنية وتنموية تُعيد بثّ الحياة في جسد الاقتصاد الوطني، بعيدًا عن الخطابات السياسية والوعود المؤجلة.

تحوّل صامت تصنعه المهارات

خلال السنوات الأخيرة، شهد لبنان تحولات نوعية في مقاربة التنمية، تمحورت حول الاستثمار في رأس المال البشري، لا سيما فئة الشباب والنساء.
برامج التدريب التقني، والشراكات مع المنظمات الدولية، والدورات المتقدمة في مجالات الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الأخضر، شكّلت جميعها شبكة دعم حقيقية تمكّن اللبنانيين من الاندماج في سوق العمل الحديث، محليًا وعالميًا.
من أبرز هذه المبادرات Skill-Up لبنان، التي ساعدت على مواءمة المهارات مع الواقع الاقتصادي، بالإضافة إلى ورش متخصصة في الذكاء الاصطناعي فتحت آفاقًا مهنية جديدة أمام الطلاب والمدرّبين.

في هذا المشهد المتجدد، يبرز مشروع TESSA كنموذج عملي للتنمية المستدامة في لبنان. المشروع الذي تنفذه AEE Lebanon بدعم من الاتحاد الأوروبي، يعمل على مساعدة الشركات اللبنانية في التحوّل إلى الاقتصاد الأخضر من خلال تقييم استهلاك الطاقة، تدريب الكوادر الوطنية، ووضع خطط تنفيذية لتحويل المؤسسات إلى مسارات مستدامة.

حتى منتصف عام 2025، أنجز المشروع سلسلة من الورش التدريبية داخل شركات صناعية وتجارية لبنانية، مقدّمًا نموذجًا ناجحًا للشراكة بين القطاعين الخاص والعام والجهات الدولية.
نجاح هذا المشروع لا يقاس فقط بالأرقام، بل بالرؤية العميقة التي يحملها: “أن التغيير الحقيقي يبدأ من داخل المؤسسات، من كل شركة تؤمن أن المستقبل نظيف وخضراء خطوطه.”

من الرمادي إلى الأخضر… ومن الارتجال إلى التخطيط

لبنان، الذي تميّز عبر تاريخه بروح المبادرة الفردية، بدأ يسلك طريقًا مختلفًا: طريق الاقتصاد المنظّم والتخطيط الطويل الأمد.
مشاريع الطاقة المتجددة، إصلاح البنى التحتية بدعم البنك الدولي، وبرامج بناء القدرات في المناطق المهمّشة، تؤكد أن التحوّل ليس حكرًا على العاصمة، بل يمتد إلى الأطراف حيث تنبض طاقات لم تُكتشف بعد.

ومضة قادمة… مفاجأة ستشرق قريبًا

في خضم هذه الحركة التنموية المتصاعدة، يبدو أن الساحة اللبنانية على موعد مع مبادرة جديدة تحمل في طياتها الكثير من الأمل والطموح.
مشروع نوعي يتم مشاركتي به سيجمع وجوهًا معروفة من رجال ونساء الأعمال، ويُتوقّع أن يُحدث نقلة في المشهد المهني والمعارض التجارية، من خلال افتتاح صالات جديدة وصيانة مرافق قائمة، لتشرق منها أنوار مرحلة مختلفة قريبًا… التفاصيل لا تزال طيّ الكتمان، لكن المؤكد أن لبنان سيشهد حدثًا يلفت الأنظار ويثير فضول المتابعين.

جيل جديد يصنع المسار

وسط العتمة السياسية والاقتصادية، ظهر جيل شاب ونساء رائدات لا ينتظرون المعجزات، بل يصنعون فرصهم عبر الانخراط في التدريب، والمشاركة في المشاريع التنموية. هؤلاء يشكلون النواة الفعلية لنهضة لبنانية معاصرة، صامتة وعميقة، تُبنى بالأفعال لا بالشعارات.
قد لا تتصدّر هذه المشاريع عناوين الأخبار الصاخبة، لكنها تصنع أخبار الغد الهادئة.
في بلد أنهكته السياسة، قد تكون المهارة، الاقتصاد الأخضر، والتخطيط الجاد، هي السياسة الحقيقية القادرة على الإنقاذ.
لبنان لا ينتظر معجزة… بل ينتظر من يصدق أن العمل المنظم يمكن أن يزرع غدًا مختلفًا.

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top