بقلم جوزاف وهبه

إذا كانت المملكة العربية السعودية تكتفي بدور “الفيتو” في تسمية رئيس الجمهورية العتيد في لبنان، فإنّها على مستوى رئاسة الحكومة صاحبة الباع الأطول، وبالتالي يمكن الإستشفاف من حركة سفيرها في بيروت وليد البخاري ومن لقاءاته مجموعة “الأسماء” المتداولة للدخول إلى نادي رؤساء الحكومة متى لاحت بشائر العهد الجديد، وقد أقفل عدد المرشّحين المحتملين على “رباعيّة” طرابلسيّة بعد أن جرى التداول مؤخّراً باسم الدكتور خلدون الشريف، جنباً إلى جنب مع كلّ من الرئيس الحالي نجيب ميقاتي، وزير الداخلية بسّام مولوي ورئيس تكتّل الوفاق الوطني النائب فيصل كرامي..فكيف تتوزّع حظوظ كلّ من هؤلاء؟
الرئيس ميقاتي قد يبدو زاهداً بالتجديد في ولاية أخرى، بعد أن تقلّب على نار التجربة مع الرئيس ميشال عون، وعلى نار قانونية وعدم قانونية مقرّرات حكومة تصريف الأعمال، حيث يعاني الأمرّين عند كلّ جلسة لإقرار بعض القوانين أو للبتّ ببعض القضايا العاجلة التي تهمّ البلد والمواطنين ولا تحتمل التأجيل..وهو اليوم، يمرّ في مخاض “المليار يورو” والنازحين السوريين، علّ “صديقه وشريكه المفترض” رئيس المجلس نبيه برّي ينقذه من براثن قبوله أو عدم قبوله هبة المليار في جلسة الأربعاء النيابية، والتي وصلت ببعض القوى السياسية إلى حدّ تخوينه، واتّهامه بالتفريط بالبلد..فهل يمكن لمن شهد، ولا زال، الويلات في السراي الكبير أن يسعى مجدّداً لما يمكن تسميته “الصعود الى الهاوية”؟ ربّما يعاود الكرّة إذا ما قُدّمت له على “طبق من ذهب” لا من فضّة، وليس في الأفق ما يوحي بذلك!
الوزير مولوي يسعى جاهداً للسير قُدماً فوق السجّادة الحمراء نحو السراي الكبير.يحمل في جعبته نجاحاً نسبيّاً في حقيبة الداخلية، وخاصة في ما يختصّ بمحاربة تهريب ملايين حبوب الكابتاغون من معابر لبنان الشرعية وغير الشرعية صوب الداخل السعودي وداخل دول الخليج.ولكنّه ليس وحيداً في أرباح وخسائر هذه المعركة، فللجيش الحصّة الكبرى وخاصّة في مداهمة أوكار المصانع والمصنّعين في عقر دارهم/ البقاع حيث تدور، من وقت لآخر، إشتباكات ومعارك ويسقط الجرحى والشهداء من أفراد وضبّاط الجيش، ما يجعل القائد جوزيف عون متقدّماً عليه، أو أقلّه متساوياً معه في هذه المهمّة التي تُحتسب لدى المملكة السعودية، بمعنى أنّ وصول عون إلى بعبدا قد يلغي أو يقلّل من حظوظ وصول مولوي، تحت عنوان واحد هو “النجاح في ضبط تهريب مادّة الكابتاغون”!
النائب فيصل كرامي قد “حشر” نفسه في معادلة تبدو مستحيلة، من خلال دعمه المطلق لترشيح رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية، معتبراً ذاته الشريك الطبيعي له:فرنجية في بعبدا..وهو في السراي الكبير.وينطلق رئيس تكتّل الوفاق من أنّ ثنائية فرنجية/سعد الحريري قد سقطت بحكم خروج هذا الأخير من الحياة السياسية في لبنان.كما سقطت ثنائيّة فرنجية/نوّاف سلام التي روّجت لها طويلاً الدوائر الدبلوماسية الفرنسية، دون أن تفلح في توفير الغطاء المسيحي الداخلي لها، ودون أن تحظى بالتأييد الكامل ضمن مجموعة الدول الخمس، وبالأخصّ من قبل الفريق الأميركي شبه المعلن في رفضه، ومن الطرف السعودي الذي يدير معارضته بشبه سرّية تامّة تتجلّى في مواقف نوّاب السنّة، وفي طليعتهم نوّاب المنية والضنيّة وعكّار!
هل يعني ذلك أنّ الطابة قد استقرّت في ملعب “خلدون الشريف”؟ بالتأكيد، كلّا.دون ذلك مسافة طويلة وشاقّة تستدعي جهداً كبيراً من الشريف نفسه، كما تستدعي القدرة على تسويقه في مواجهة عتاة القيادات السنّية، بدءً من باب داره في طرابلس، حيث يرى البعض أنّ التداول باسمه هو مجرّد زكزكة للرئيس ميقاتي (كانا معاً في الفترة السابقة)، كما يراها البعض رسالة لمن يهمّه الأمر بأنّ الطريق الى السراي الكبير تمرّ في دارة السفير السعودي في بيروت، وليس في بنشعي أو حارة حريك وعين التينة.ما يملكه الشريف من رصيد إيجابي أنّه على مسافة متوازنة من الجميع، وأنّه من خارج المنظومة المتهالكة، وقد نجح مؤخّراً في نسج علاقات دبلوماسية مقبولة مع عدد من السفراء والسفيرات، ما يجعله إسماً قابلاً للأخذ والرد!
لا يزال الوضع اللبناني على كفّ عفريت “حرب أو لا حرب”، ورهن تطوّرات دراماتيكية في المنطقة من رفح، إلى الجنوب والبقاع، إلى سوريا والبحر الأحمر، إلى المفاوضات السرّية وغير السرّية بين واشنطن وطهران، ما يضع أيّ حديث حول رئيس من هنا أو رئيس من هناك، مجرّد ثرثرة صحافيّة، أو مجرّد أحاديث وتمنّيات وأوهام في الوقت الضائع، ليس إلّا!

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top