م. رشا عيتاني – جريدة النهار
في الذكرى التاسعة والسبعين لإسقاط أول قنبلتين نوويتين في تاريخ البشرية، الأولى على هيروشيما والثانية على ناغازاكي، أشار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في خطابه إلى الخطر الحقيقي والمستمر الذي تمثله الأسلحة النووية.
في تطور جديد، أعلنت إيران علنًا ولأول مرة أنها تمتلك سلاحًا نوويًا. حيث صرح نائب الإيراني أحمد بخشايش أردستاني بأن إيران قد تمتلك سلاحًا نوويًا، لكن سيتم الإعلان عن ذلك في الوقت المناسب. وفي تقرير لمكتب مدير الاستخبارات الوطني الأمريكي الصادر في يونيو 2024، تم الإشارة إلى أن إيران قامت بتعديل إنتاجها ومخزونها من اليورانيوم بنسبة 60%. وذكر أيضا ان إيران تواصل زيادة حجم مخزونها من اليورانيوم، ومن المحتمل أن تفكر في تركيب أجهزة طرد مركزي أكثر تقدمًا، أو زيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب، أو تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 90% ردًا على فرض عقوبات إضافية أو هجمات أو انتقادات ضد برنامجها النووي.
وفي سياق متصل، حذرت مجموعة رائدة مناهضة للأسلحة النووية من أن استراتيجية إسرائيل المتمثلة في عدم تأكيد أو نفي امتلاكها للأسلحة النووية تجعل من الصعب التنبؤ بما إذا كان الهجوم المتوقع من قبل حزب الله أو إيران قد يؤدي إلى رد فعل نووي.
بالإضافة إلى ذلك، صرح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بأن العالم يوشك على الدخول في حرب عالمية ثالثة. فمع توتر الأوضاع بين اوكرانيا وروسيا من جهة، وبين إسرائيل ومنطقة الشرق الأوسط من جهة ثانية، الى جانب التوترات الأخرى في العالم. التهديد من دول عدة لحرب نووية واسعة يتزايد. فتستمر هذه الدول وغيرها في امتلاك اسلحة نووية ظنًا منها انها بهذه الطريقة يمكنها ان تحمي وجودها وتقويه. ولكن وجود هذا السلاح هو تهديدٌ للمجتمع الدولي كافة، وخطر استخدامه لا يمكن التغاضي عنه.
بدأ الرئيس الروسي بوتين بنقل أسلحة نووية لبلاروسيا في أيار السنة الماضية، في المقابل بولندا اليوم طالبت بدورها الناتو بنقل أسلحتهم النووية على أراضيها تخوفا من أي هجوم عليها. وتعتبر بولندا ان في حال سقطت أوكرانيا على يد الروس فهي ستكون هدف روسيا المقبل. الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يعتبر ان خسارة أوكرانيا ستجعل مصداقية الاتحاد الأوروبي معدومة. لذلك فهناك كلام عن ان فرنسا تريد ان ترسل قوات لأوكرانيا.
تاريخيا، اختُرعت القنبلة الذرية في الولايات المتحدة الأمريكية عام ١٩٤٢ في عهد الرئيس فرانكلين ديلانو روزفلت. مع العلم ان تم اكتشاف الانشطار النووي في عام ١٩٣٨ في جامعة القيصر فيلهلم في برلين. فعندما علم اينشتاين بان الاتحاد السوفياتي يقوم بصنع سلاح نووي وقع رسالة للرئيس الأميركي روزفلت ليخبره بان هناك إمكانية لصنع سلاح نووي، تخوفا من ان تمتلكه المانيا النازية اولا. ليعلن اينشتاين رسميا في عام ١٩٤٧ عن ندمه لتوقيعه الرسالة، قائلا «لو كنت أعرف بأن علماء ألمانيا لن ينجحوا في صناعة القنبلة الذرية، لو كنت أعرف ذلك لما كنت وقعت الخطاب».
بعد تجربة القنبلة النووية على هيروشيما وناغازاكي، أدركت الولايات المتحدة أن استخدام الأسلحة النووية لم يكن قراراً سهل اتخاذه، حتى في أحرج الظروف. إلى أن حصل الاتحاد السوفيتي، بقيادة ستالين آنذاك، على معلومات عن القنبلة النووية وتفاصيلها من خلال تسريب من أحد الأمريكيين الذين كانوا يعملون على مشروع مانهاتن. حينها أصبح الاتحاد السوفيتي أكثر خطورة على العالم، وخاصة على الولايات المتحدة الأمريكية. فقد كان الاتحاد السوفييتي دكتاتورية رجعية في ظل القومية الشيوعية، حيث قام بضم المجموعات العرقية المختلفة وإخضاعها لسياسة توحيدية متناسيًا الاعتبارات الثقافية المختلفة، مما أدى إلى نشوب حروب أهلية أكثر من الحروب الخارجية. بدأت الولايات المتحدة الأمريكية في محاربة هذا الكيان الذي كان يشكل خطرًا على الحياة البشرية، أولاً بامتلاكه السلاح النووي ثم بمحاربة سياساته القمعية وامتلاكه.
على إثرها بدأت الحرب الباردة سنة ١٩٤٧. في ظل هذه الفترة أُنشأ حلف الناتو عام ١٩٤٩ للحد من توسع نفوذ الاتحاد السوفياتي. وحارب الناتو الاتحاد السوفياتي بجانب وكالة المخابرات المركزية الامريكية “CIA” وجهاز الاستخبارات البريطاني “MI6”. فنجحت هذه الاجهزة مجتمعة من تفكيك الاتحاد السوفياتي عام ١٩٩١.
وقد لعب تفكك الاتحاد السوفييتي دورًا في معالجة قضية القوميات، لكنه لم يعالج بشكل فعال مشكلة الحد من التهديد الذي تشكله الأسلحة النووية السوفييتية. وبدلاً من ذلك، تم تقليل الخطر فقط من خلال تقليل عدد الأسلحة. وبينما احتفظ الاتحاد الروسي بترسانته النووية، بل ووسعها، تخلصت بيلاروسيا وكازاخستان من أسلحتهما أو باعتاها لروسيا. ترددت أوكرانيا في البداية، ولكنها قررت في نهاية المطاف تفكيك برنامجها النووي والانضمام إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية في عام ١٩٩٤. ولكن أوكرانيا تأسف الآن لهذا القرار بسبب الحاجة الملحة للدفاع عن نفسها ضد العدوان الروسي على أراضيها. وقد أدى الافتقار إلى الدعم من الولايات المتحدة وحلفائها إلى زيادة أسف أوكرانيا. ولم يسفر الهجوم الأخير الذي شنته إيران على إسرائيل إلا عن تأجيج غضب أوكرانيا، وخاصة عندما ردت أميركا باتخاذ تدابير دفاعية صاروخية باهظة الثمن. وللتخفيف من خطر أن تصبح الهدف التالي للعدوان الروسي، تقوم بولندا الآن بتزويد أوكرانيا بالأسلحة النووية، وهو ما يشكل انتهاكا للمعاهدات الدولية.
خلال الحرب الباردة، كان هناك ما يقارب من ٦٠ ألف سلاح نووي. اما في الوقت الحاضر، هناك تسع دول تمتلك إجمالي ١٣ ألف سلاح نووي: روسيا، الولايات المتحدة، الصين، فرنسا، المملكة المتحدة، باكستان، الهند، إسرائيل، كوريا الجنوبية. ومن الجدير بالذكر أن ثلاثًا من الدول التسعة أعضاء في الناتو.
المعلن اننا ذاهبون لحرب نووية شاملة، ولكن التسويات القائمة تدل العكس اقله ليس بالوقت القريب. اما لبنان فممنوع من ان يقتني او حتى يقوم بصنع سلاح نووي. لذلك الاجدى به وضع استراتيجية دفاعية وخطة طوارئ محترفة كي لا يعيش اللبنانيون الذي يعيشوه اليوم ترقبا لاندلاع الحرب او عدمه.
يبقى التساؤل: هل تمتلك إيران فعلاً سلاحاً نووياً، أم أن الأمر مجرد مبالغة للحفاظ على توازن القوى؟ لا شيء يمكن استبعاده في ظل جنون العظمة الذي تعاني منه الدول.