“نقابة المعلمين” في مواجهة الأزمات.. نعمة محفوض يحذر من أزمة تعليمية وشيكة في لبنان إذا استمر الوضع على ما هو عليه، ويهدّد بالتصعيد”

بقلم تيريزا كرم

أمام التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة التي تعصف بالقطاع التعليمي في لبنان، تتصدر نقابة المعلمين في المدارس الخاصة جهودًا مستمرة لضمان حقوق أعضائها. كما قال غسان كنفاني: “إن الحق لا يُطلب بل يُنتزع، والمطالبة بالحقوق هي البداية فقط؛ الأهم هو القدرة على استعادتها وصونها.”

بيان النقابة الأخير يكشف الأزمة المتفاقمة لصندوق تعويضات أفراد الهيئة التعليمية ورواتب الأساتذة المتقاعدين.

في حديث خاص لـ “دمقراطيا نيوز”، تناول نقيب المعلمين في المدارس الخاصة، نعمة محفوض، هذه القضايا بشفافية، موضحًا العقبات التي تعترض طريق الحلول، والآثار المحتملة على العام الدراسي المقبل. فيما يتعلق بالعقبات أمام تشكيل مجلس إدارة جديد لصندوق التعويضات، قال النقيب محفوض:”منذ حوالي ستة أشهر، أرسل وزير التربية والتعليم العالي رسالة إلى النقابة تطالب بانتخاب أربعة أشخاص من نقابة المعلمين للمجلس الجديد. كما أرسل رسالة إلى اتحاد المدارس الخاصة لنفس الغرض، وأخرى إلى وزير العدل لتسمية قاضٍ. تم إرسال الأسماء إلى وزير التربية والتعليم العالي، الذي قدم المرسوم إلى الحكومة. ومع ذلك، لا يزال رئيس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال، الرئيس نجيب ميقاتي، يتجاهل وضع المرسوم على جدول أعمال الحكومة.”

أضاف محفوض: “في البداية، سمعنا أن أحد الأطراف السياسية الفاعلة وضع فيتو على المرسوم لأنه لم يكن لديه ممثل في المجلس. أوضحنا لهذا الفريق أن النقابة تختار فقط أربعة أشخاص من المعلمين، وأنه من غير الممكن تمثيل كل الأحزاب الـ16 في البلاد. تأخير تشكيل المجلس يضر بمصالح وحقوق المعلمين. وبعد رفع هذا الفيتو، ظهرت مشكلة أخرى تتعلق بالطائفية في تعيين القاضي، مما يعكس الطبيعة التحاصصية التي تسيطر على البلد.”

حول أزمة التمويل التي تواجه صندوق التعويضات، قال محفوض:”الرئيس ميقاتي لم ينشر قانونًا يعزز تمويل الصندوق، وما زالت المدارس الخاصة تدفع 6% من رواتب المعلمين على أساس سلسلة الرتب والرواتب القديمة، في حين ينبغي عليها دفع النسبة نفسها على الرواتب الجديدة بالدولار الفريش. ورغم أن مجلس النواب أقر قانونًا جديدًا بهذا الخصوص، إلا أن الرئيس ميقاتي لم ينشره في الجريدة الرسمية. هذا التأخير يضع الصندوق في أزمة مالية خانقة.”

أردف محفوض: “رفعنا دعوى إلى مجلس شورى الدولة وربحناها، ولكن رغم ذلك، يرفض الرئيس ميقاتي نشر القانون. استمرار هذه الحالة سيؤدي إلى انهيار الصندوق، إذ تتحجج المدارس بالقانون القديم لتدفع رواتب المعلمين على أساس السلسلة القديمة، مما يشكل خطرًا كبيرًا على استدامة الصندوق.”

بالنسبة لرواتب الأساتذة المتقاعدين، أوضح محفوض:”لو نُشر القانون لتمكنا من زيادة التمويل للصندوق، ما كان سيسمح برفع رواتب الأساتذة المتقاعدين. لقد اتفقنا مع المدارس على مضاعفة الرواتب ستة أضعاف، وبدأت المدارس بالفعل في دفع 900,000 ليرة لبنانية سنويًا عن كل تلميذ. ينتهي هذا البروتوكول في 30 أيلول ، وإذا لم يتم تجديده وزيادة المضاعفة إلى تسعة أو اثني عشر ضعفًا، سيستمر المعلمون في تقاضي رواتب زهيدة قد تؤدي إلى أوضاع اقتصادية صعبة للغاية بالنسبة لهم.”

أكد محفوض: “إذا لم يتم تجديد البروتوكول، سنضطر إلى اتخاذ خطوات تصعيدية. المجلس التنفيذي للنقابة دعا الجمعيات العمومية للانعقاد في النصف الأول من ايلول لتقرير شكل التحرك المقبل. إذا لم تُنشر القوانين المطلوبة ولم تُحل أزمة البروتوكول، فإن العام الدراسي المقبل سيكون في خطر حقيقي.”

وحول مسألة الأقساط المدرسية المرتفعة في المدارس الخاصة، قال محفوض:”لا يمكن وضع كل المدارس الخاصة في نفس السلة. هناك مدارس محترمة لا تزال أقساطها مقبولة، وقد اتفقت مع المعلمين على دفع 60% من الرواتب السابقة، مما حافظ على التوازن بين حقوق المعلمين والأهل. لكن، للأسف، العديد من المدارس الأخرى رفعت أقساطها بشكل كبير دون زيادة كافية في رواتب المعلمين. المشكلة هنا تكمن في غياب لجان الأهل الفعالة وفي ضعف الرقابة من قبل الوزارة والتفتيش المركزي.”

ختم محفوض حديثه قائلاً: “إذا استمر الوضع على ما هو عليه، سنكون أمام أزمة تعليمية حقيقية في لبنان. إن تحسين التعليم الرسمي يجب أن يكون من الأولويات، لأنه سيساهم في تخفيض الأقساط المدرسية الخاصة وجعلها أكثر قدرة على المنافسة.”تتجلى أبعاد الأزمة التعليمية في لبنان من خلال الصراع المستمر حول حقوق المعلمين والمشاكل الإدارية المعقدة. في ظل هذا الوضع، نجد أن تحقيق المطالب العادلة ليس مجرد طلب بل نضال مستمر، كما أشار جبران خليل جبران: “الحقوق لا تعطى لمن يسكت، والكرامة لا تحترم من لا يطالب بها.” إن إصرار نقابة المعلمين على استعادة حقوق أعضائها وتجاوز العقبات السياسية والمالية يعكس التزامًا قويًا بتحقيق العدالة وحماية الاستقرار التعليمي. وفي الوقت الذي تظل فيه التحديات قائمة، فإن الخطوات المستقبلية تتطلب تكاتفًا من جميع الأطراف لضمان استمرار التعليم وتحسين ظروف المعلمين، بما يعزز من جودة التعليم ويحقق العدالة الاجتماعية.

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top